تاريخ سدوم وعمورة باختصار. سدوم وعمورة: معنى الوحدات اللغوية والتاريخ وأسطورة الكتاب المقدس. سدوم وعمورة - قراءة علمية

اترك تعليقا 6,950

وحتى الآن يحاول العلماء إثبات أو دحض أسطورة سدوم وعمورة. ومع ذلك، فمن الممكن حتى الآن العثور على القليل من الأدلة التي تشير فقط إلى وجود هذه المدن. ولم ينجح أحد حتى الآن في تحديد الموقع الدقيق لما حدث بالفعل.

ما يعنيه هذا "سدوم وعمورة" معروف للكثيرين من الكتاب المقدس. ومع ذلك، هذا ليس المصدر الوحيد لذكر المدن. يصف الكتاب المقدس القصة بشكل ملون، ويوضح أسباب ما حدث، لكن هذه النسخة ليس لها تأكيد علمي. الإشارات الأخرى لسدوم وعمورة تعود إلى المؤرخ اليوناني القديم سترابو. تمت كتابة المزيد عن المدن التي كانت موجودة في السابق في أعمال تاسيتوس وفلافيوس وسانخوناتون وآخرين.

أسطورة أم حقيقة

يذكر المؤرخون والجغرافيون القدماء القرى بشكل مقتصد. والشيء الوحيد المتفق في أعمالهم هو أن المدن كانت تقع في وادي السديم، وكان الناس فيها يعيشون في رخاء، إذ كانت الأراضي خصبة والمناخ مناسب للزراعة وتربية الماشية. تختلف المعلومات حول الموت الغامض للمدن إلى حد ما. على سبيل المثال، تاسيتوس في القرنين الأول والثاني قبل الميلاد. ه. كتب أنه لا يزال من الممكن رؤية بقايا المدن المحروقة حتى يومنا هذا. وفي الوقت نفسه، ذكر المؤرخ الفينيقي سانخوناتون أن القرى سقطت تحت الأرض، وتحولت إلى بحيرة.

الأدلة الأولى

ولأول مرة، تم اكتشاف حقائق حقيقية تثبت وجود مدن بالفعل خلال عمليات التنقيب في سوريا، عندما تم العثور على أرشيف مدينة إيبلا القديمة في عام 1982. ومن بين أكثر من 1000 لوح مسماري، كانت هناك سجلات لسدوم وعمورة وصوغر كشركاء تجاريين. وتبين أن الحقائق لا يمكن دحضها، ولكن لم يكن هناك سوى سدوم وعمورة. ما حدث هناك وكيف ماتت المدن يبقى لغزا للعلم.

نسخة الكتاب المقدس

بعد نوح، عاش على الأرض رجل صالح - إبراهيم. وكان رجلاً ثرياً إلى حد ما، يمتلك قطعاناً كبيرة من الغنم والذهب والفضة. ولم يكن نجاحه في الثروة فقط، بل كان يفسره بطاعة الله تعالى. وكان لإبراهيم ابن أخ، لوط، الذي انتقلا معه إلى أرض كنعان. بعد أن استقروا معًا في مكان جديد، تبين أن الأرض غير كافية لرعي الأغنام وبدأت الخلافات تحدث بين الرعاة. ونتيجة لذلك قررا الانفصال. وتوجه لوط وعائلته شرقا إلى وادي السديم.

تميزت سدوم وعمورة والقرى المجاورة - صوغر وسبويم وأدما - بالفجور والفساد. كان السكان غير مضيافين، وكان الغرباء الذين تطأ أقدامهم أرضهم يُعاملون دائمًا بقسوة خاصة. لقد ظل لوط وعائلته مخلصين لله، ولم يغرقوا في الخطية والفساد.

رأى الرب ما كان يحدث، قرر معاقبة الخطاة، ولكن أولاً ظهر لإبراهيم وأخبره عن خططه. وقف إبراهيم إلى جانب الشعب، فأعطى الله المدن فرصة أخرى. كان على إبراهيم أن يجد 10 أبرار، وبعد ذلك سيتم إلغاء العقوبة.

وفي إحدى الأمسيات، طرقت ملائكة في هيئة بشر باب لوط، وأرسلته ليرى ما يحدث في المدينة. فدعاهم لوط إلى البيت لأنه لم يكن آمناً في الخارج. أظهر المالك، مثل الرجل الصالح الحقيقي، كل ضيافته بإطعام وشرب الضيوف. علم السكان بأمر الغرباء، وعندما وصلوا إلى لوط، بدأوا يطالبونه بالتخلي عنهم. دعا لوط الحشد الغاضب إلى العقل. حتى أنه عرض عليهم ابنتيه في المقابل. أولئك الذين جاءوا لم يوافقوا وبدأوا في التهديد بكسر الباب. ثم أعمت الملائكة الشياطين وتقرر تدمير الجميع.

وقيل للوط أن يغادر المدينة. كان الشرط الرئيسي هو عدم الالتفاف. أطاع لوط، لكن أصهاره لم يؤمنوا بخطورة ما كان يحدث، وقرروا البقاء. أنزل الله تعالى من السماء كبريتًا ناريًا على القرى فأحرقت المدن مع جميع سكانها. أثناء ذلك، كان لوط وعائلته يغادرون، لكن زوجته خالفت الشرط الأساسي واستدارت. وفي تلك الثانية تحولت إلى عمود ملح. يمكن قراءة النص الأصلي في الكتاب المقدس سفر التكوين الفصل. 18-19، وانظر بوضوح سقوط سدوم وعمورة في اللوحة التي رسمها الفنان جون مارتن عام 1852.

الإصدارات العلمية

ومن بين التفسيرات المنطقية لموت المدن، تم طرح العديد من الروايات، رغم أنه لم يتم تأكيد أي منها. ويعتبر الانفجار البركاني هو الأكثر احتمالا. وربما كانت المنطقة غنية برواسب الكبريت التي تحترق بدرجة حرارة حوالي 4000 درجة مئوية. إذا أمطرت ناراً على الأرض، فحتى الذي لم يحترق يحترق.

بالإضافة إلى ذلك، تشرح النسخة البركانية تحول زوجة لوط إلى عمود ملح. وتم اكتشاف حالات مماثلة نتيجة للبحث في موقع ثوران بركان فيزوف، عندما كانت جثث الموتى مغطاة بالرماد المحتوي على الملح. على مدار آلاف السنين، تحلل الجسد، ولم يتبق سوى عمود من الملح.

أما النسخة الثانية فكانت افتراض تحول الصفائح التكتونية. ويتوافق هذا التفسير مع الموقع المفترض لسدوم وعمورة، مما يعني أن القرى القائمة في هذا المكان أصبحت تحت الأرض، وبالتالي تشكل البحر. ولهذا السبب يلتزم العديد من الباحثين بهذا الخيار ويبحثون عن المدن المفقودة في قاع البحر الميت.

ظهرت نسخة لاحقة في عام 2008. تم طرحها بواسطة A. Bond وM. Hempsell. واقترحوا أن يسقط كويكب على الأرض، مما سيؤدي أيضًا إلى موت جميع الكائنات الحية وتكوين البحر.

تاريخ سدوم وعمورة

4.3 (86.67%) 3 ناخبين

أربع مدن: سدوم وعمورة وأدمة وصبوييم دمرت عن وجه الأرض بنار من السماء. وكان غضب الرب بسبب شر سكان هذه المدن وخطاياهم المثيرة للاشمئزاز. أعلن الله لإبراهيم أن سدوم ستدمر، وصلى إبراهيم من أجل هذه المدينة الخاطئة، ووعده الرب بأنه لن يدمر المدينة إذا كان هناك على الأقل عشرة أبرار. لكن لم يتم العثور عليهم. وهذا ما حدث. لوط، رجل صالح، عاش في سدوم مع زوجته وابنتيه. أرسل الله إلى هذه المدينة ملاكين اتخذا صورة الإنسان. كان في المساء. استقبلهم لوط المضياف في بيته، وهو لا يعلم أنهم ملائكة.

ولم يكونوا قد ناموا بعد مثل أهل المدينة والسدوميين من الصغير إلى الكبير، كل الشعب الذي معه الجميعبعد كل ذلك مدن، أحاطت بالمنزل.فدعوا لوطا وقالوا له: أين القوم الذين أتوا إليك ليلاً؟ أخرجهم إلينا. سوف نعرفهم.

فخرج لوط إلى مدخلهم وأغلق الباب خلفه،وقال: يا إخوتي، لا تفعلوا شرا؛هنا لدي ابنتان لم تعرفا زوجًا؛ أفضل أن أخرجهم إليك، وافعل بهم ما يحلو لك، لكن لا تفعل شيئًا لهؤلاء الأشخاص، لأنهم جاءوا تحت سطح منزلي.

لكنهم قالوا له: تعال الى هنا. فقالوا: هنا غريب يريد القضاء؟ والآن نفعل بكم شرا منهم. واقتربوا جدًا من هذا الرجل، وهو لوط، وتقدموا ليكسروا الباب.فمد الرجلان أيديهما وأدخلا لوطا إلى البيت وأغلقا الباب.والشعب الذي كان عند مدخل البيت أصيب بالعمى من صغيرهم إلى كبيرهم، فتعذبوا وهم يبحثون عن الباب.

فقال الرجال للوط: من لك ههنا غيرك؟ اصهارك وبنوك وبناتك وكل من لك في المدينة اخرجهم جميعا من هذا المكان.لأننا مهلك هذا المكان لأن صراخ سكانه إلى الرب عظيم وأرسلنا الرب لنهلكه.

فخرج لوط وكلم أصهاره الذين أخذوا بناته وقال: قوموا اخرجوا من هذا المكان، لأن الرب مهلك هذه المدينة. لكن أصهاره ظنوا أنه كان يمزح.

ولما طلع الفجر، ابتدأ الملائكة يسرعون لوطا قائلين: قم خذ امرأتك وابنتيك الذين معك، لئلا تهلك بذنوب المدينة.وفيما أبطأ أولئك الرجال، من رحمة الرب به، أخذوه بيده هو وامرأته وابنتيه، وأخرجوه ووضعوه خارج المدينة.وعندما تم إخراجهم، ثم واحد منهمقال: احفظ نفسك؛ لا تنظر إلى الوراء ولا تتوقف في أي مكان في هذه المنطقة المجاورة؛ اهرب إلى الجبل لئلا تموت.

وأشرقت الشمس على الأرض، وأتى لوط إلى صوغر.

وأمطر الرب على سدوم وعمورة كبريتا ونارا من عند الرب من السماء،وهدم هذه المدن وكل الضياع المحيطة بها وجميع سكان تلك المدن الجميعنمو الأرض.الزوجة لوتوفافنظر خلفه وصار عمود ملح.

وبكر إبراهيم في الصباح و ذهبإلى المكان الذي وقف فيه أمام وجه الرب،

ويعتقد أن هذه المدن المدمرة كانت تقع في موقع الجزء الجنوبي من البحر الميت. لا تزال عبارة "سدوم وعمورة" تُستخدم اليوم لتعريف الفساد، بما في ذلك الخطية التي غضب الله عليها بشدة، والتي أصبحت مؤخرًا منتشرة بشكل متزايد على الأرض.

تاريخ سدوم وعمورة

من السهل أن نخطئ في أن قصة سدوم وعمورة الكتابية مجرد خيال. في الواقع، تبدو قصة المدينتين اللتين دمرتهما "النار والكبريت" بسبب سلوك سكانهما الخاطئ، بعيدة المنال. إلا أن الأبحاث الأثرية تؤكد وجود هذه المدن وموتها الرهيب.

تعيدنا قصة سدوم وعمورة إلى الفترة المبكرة من التاريخ اليهودي، قبل وقت طويل من استيطان شعب إسرائيل في أرض الموعد. عاش أسلاف اليهود أسلوب حياة شبه بدوية، حيث كانوا يتاجرون مع الجيران، وينتقلون من منطقة في الشرق الأوسط إلى أخرى بحثًا عن مراعي جديدة للماشية. وكان زعيمهم في زمن سدوم وعمورة هو البطريرك إبراهيم، الذي يحظى بالتبجيل باعتباره الأب المؤسس من خلال ابنه إسحق عند جميع اليهود، ومن خلال ابنه الآخر إسماعيل عند جميع العرب. يلعب إبراهيم دورًا بارزًا في كل من العهد القديم والقرآن، حيث يتم سرد قصة حياته بنفس الطريقة. إذا قمنا بتفسير التسلسل الزمني الكتابي حرفيًا، فإن الأحداث الموصوفة وقعت حوالي عام 2100 قبل الميلاد. ه.

وُلِد إبراهيم في "أور الكلدانيين"، والتي تعتبر عمومًا مدينة أور السومرية في جنوب بلاد ما بين النهرين (العراق حاليًا). وانتقلت عائلته من هناك إلى حران (شمال بلاد ما بين النهرين)، حيث توفي والده. في ذلك الوقت، كما جاء في سفر التكوين (12: 1-5)، كشف الله لإبراهيم عن مصيره. كان على إبراهيم أن يترك بلاد ما بين النهرين ويستقر في كنعان (فلسطين الحالية): "وَأَفْعَلُكَ." أمة عظيمة، وأباركك وأعظم اسمك». أخذ إبراهيم زوجته وقريبه لوطًا مع أهل بيتهم، وتوجه إلى كنعان. بعد إقامة قصيرة في مصر (بينما كانت هناك مجاعة في كنعان)، استقر إبراهيم ولوط في جنوب كنعان وقاموا بتربية الماشية.

ونشأ صراع بين رعاة إبراهيم ولوط على حق استخدام المراعي، فاقترح إبراهيم الانفصال. هاجر لوط وعائلته شرقًا إلى السهل على الجانب الآخر من البحر الميت (الأردن حاليًا) ونصبوا خيامهم بالقرب من مدينة سدوم. وكان السهل "يسقى بالمياه كجنة الرب كأرض مصر". وفي العصر الحديث، أصبحت المنطقة أرضًا قاحلة قاحلة ذات مناخ حار للغاية وموارد مائية شحيحة للغاية. ومع ذلك، في زمن لوط، كانت هناك خمس مدن مزدهرة في السهل: سدوم وعمورة وصبوييم وأدمة وصوغر. حكمهم خمسة ملوك، وكانوا أقوياء وأثرياء بما يكفي لمهاجمة وهزيمة تحالف من حكام بلاد ما بين النهرين.

وفقاً لكتاب التكوين، كل هذا كان سيتغير في يوم واحد. ويشير الكتاب المقدس باستمرار إلى «شر» سكان المدن الخمس، وخاصة سدوم وعمورة. إن طبيعة هذا الفساد، الذي يُخطئ عادة على أنه ميل إلى الانحراف الجنسي، لا تزال غير واضحة تمامًا. لكن من بين خطايا أهل لوط، احتلت عدم الضيافة أحد الأماكن الأولى، ولم يتسارع سقوطهم إلا بسبب المعاملة الوقحة للملاكين اللذين دعاهما لوط إلى بيته كضيفين مكرمين. طلب سكان سدوم من لوط أن يأخذهم إلى الخارج وبدأ في كسر الباب، لكن الملائكة أعمتهم، الذين أعلنوا للوط أن الله قد أرسلهم لمعاقبة المدينة؛ يجب عليه أن يجمع عائلته على الفور ويلجأ إلى الجبال، دون أن ينظر إلى الوراء تحت أي ظرف من الظروف.

أخذ لوط زوجته وبناته وغادر المدينة التي سرعان ما تحولت إلى خرائب يدخنها. زوجته كما تعلمون خالفت الحظر واستدارت لتنظر وتحولت إلى عمود ملح. لجأت بنات لوط وأبيهن إلى مغارة جبلية؛ كانوا خائفين من أنهم الأشخاص الأحياء الوحيدون في العالم.

ثم يتبع ذلك أحد المقاطع الملونة، ولكنها ليست لائقة تمامًا والتي تظهر غالبًا في نصوص العهد القديم. لقد سكرت بنات لوط أباهن وتناوبن في النوم معه؛ ونتيجة لذلك أنجبا منه أبناء. أصبح هؤلاء الأبناء أسلاف الموآبيين والعمونيين - القبائل الأردنية التي أصبحت فيما بعد أعداء بني إسرائيل اللدودين.

وبعد هذا لم نسمع المزيد عن لوط. أما إبراهيم فقد رأى الكارثة من مسافة آمنة من جنوب فلسطين. وعندما نظر نحو سدوم وعمورة، "... رأى دخانًا يصعد من الأرض كدخان الأتون". تم تدمير جميع مدن السهل من قبل إله غاضب.

بغض النظر عن نظرتك إلى هذه القصة، فهي مليئة بالتفاصيل الملونة. من الواضح أن الحادثة التي تتحدث عن لوط وبناته هي "قصة أخلاقية عبرية"، تم اختراعها لغرض يكاد يكون كوميديًا: لشرح مدى "شر" أعداء بني إسرائيل من الموآبيين والعمونيين، بالمعنى الحرفي والمجازي. ليس من الصعب تخمين أصل فكرة تحويل زوجة لوط إلى عمود ملح. البحر الميت غني بالملح لدرجة أن الأسماك لا تستطيع العيش فيه، وتنتشر على سواحله أعمدة من الملح البلوري بأشكال متنوعة. إن احتمال التشابه بين أحد هذه الأعمدة وشخصية بشرية يمكن أن يؤدي إلى قصة رجل تحول إلى عمود ملح. كما أن هذه المنطقة غنية جدًا بالكبريت الأصلي، والذي يوجد أحيانًا على شكل كرات صغيرة. هل يمكن أن يؤدي هذا الظرف إلى ظهور الأسطورة القائلة بأن الله أنزل المطر الكبريتي (النار) على الأرض؟

يمكن العثور على تشابهات مع قصة سدوم وعمورة في أساطير الشعوب الأخرى. على سبيل المثال، في الأسطورة اليونانية أورفيوس، تمكن من إنقاذ زوجته يوريديس من هاديس فقط بشرط ألا تنظر إلى الوراء عندما تغادر العالم السفلي؛ نظرت إلى الوراء، وفقدها أورفيوس إلى الأبد.

قصة زيارة الملائكة تشبه إلى حد كبير قصة أخرى من الأساطير القديمة كما رواها الشاعر أوفيد. إنه يروي كيف جاء الآلهة عطارد والمشتري، اللذان اتخذا شكل البشر، إلى مدينة في فريجيا (وسط تركيا الآن) وتفاجأوا بشكل غير سار بعدم ودية السكان المحليين. ردًا على سوء معاملتهم، دمرت الآلهة المدينة بأكملها، ولم يتبق منها سوى اثنين من كبار السن الفقراء الذين رحبوا بهم في منزلهم وقدموا لهم الطعام.

في الواقع، كانت قصة المدينة التي دمرت بالأرض بسبب خطايا سكانها تحظى بشعبية كبيرة. لا يتعين على المرء أن يبحث بعيداً عن الأمثلة، لذلك فمن المغري تفسير قصة سدوم وعمورة بالمعنى الفولكلوري البحت.

أفضل وصف لمحيط البحر الميت في القرن الأول. ن. ه. ينتمي إلى المؤرخ اليهودي جوزيفوس، الذي أعاد سرد تاريخ شعبه للقراء اليونانيين الرومانيين. ويبدو أن يوسف شهد ما كتب عنه: «بجواره (البحر الميت) منطقة سدوم، التي كانت ذات يوم غنية بخصوبتها وازدهار مدنها، لكنها الآن محروقة تمامًا. ويقال أنه بسبب ذنوب أهلها أهلكها البرق. وحتى الآن توجد آثار للنار التي أرسلها الله، وحتى الآن يمكنك رؤية ظلال المدن الخمس. وفي كل مرة يظهر الرماد مرة أخرى على شكل ثمار غير معروفة، تبدو حسب لونها صالحة للأكل، ولكن بمجرد ملامستها باليد تتحول إلى غبار ورماد. وهكذا تأكدت الأساطير القديمة عن أرض سدوم بشكل واضح.

لم يكن لدى علماء الكتاب المقدس أنفسهم الكثير ليقولوه لصالح الفرضية المتعلقة بحقيقة سدوم وعمورة. القس ت.ك. تشاين، أستاذ الدراسات الشرقية وتفسير الكتاب المقدس في جامعة أكسفورد، في مقال نشر في موسوعة الكتاب المقدس عام 1903، فسر قصة سدوم وعمورة كبديل للأسطورة المألوفة عن الطوفان الكارثي، حيث خطايا البشر. يعاقب الناس بالطوفان العظيم.

في عام 1924، اكتشف فريق من علماء الآثار بقيادة ويليام فوكسويل أولبرايت بقايا مستوطنة من العصر البرونزي في مكان يسمى باب الداخلية. وبعد جمع بعض القطع الفخارية، تم وضع اسم "باب الداخلية" على الخرائط الأثرية لنهر الأردن.

ولكن فقط في السبعينيات. بدأ علماء الآثار يدركون الأهمية الحقيقية لهذا الاكتشاف. تحت رمال الصحراء وغبارها توجد مستوطنة كبيرة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر (حوالي 3100-2300 قبل الميلاد).

تُعرف مدينة باب الداخلية الآن بأنها إحدى أقدم المدن في فلسطين. وقد قام علماء الآثار بالتنقيب عن معبد هناك، ومراكز ثقافية أخرى، وبقايا جدار وقائي قوي يبلغ سمكه حوالي 7 أمتار، مبني من الحجر والطوب الطيني. لكن الاكتشاف غير المتوقع كان في المقبرة القريبة، وهي واحدة من أكبر المقابر في الشرق الأوسط. وفقًا لتقديرات مختلفة ، تم دفن حوالي نصف مليون شخص هناك (تم العثور أيضًا على حوالي ثلاثة ملايين وعاء به هدايا جنائزية هناك).

حتى قبل أعمال التنقيب، أصبح من الواضح أن باب الداخلية قد دمرته النيران، حيث تناثرت قطع الفحم الإسفنجي في جميع أنحاء المنطقة المجاورة للمستوطنة. وبعد ذلك بقي باب الداخلية مهجورًا ألفي عام، حتى بداية العصر الهلنستي.

وهذه ليست المستوطنة الفلسطينية الوحيدة التي تعاني من هذا المصير. بعد وقت قصير من بدء أعمال التنقيب في عام 1975، اكتشف علماء الآثار والتر ريست وتوماس شواب نوميريا، وهو موقع آخر من العصر البرونزي المبكر يقع على بعد 11 كيلومترًا إلى الجنوب، وقد تناثر فيه أيضًا الفحم الإسفنجي الذي يمكن جمعه بحفنة من سطح الأرض. دمرتها النيران في نفس الوقت تقريبًا الذي دمرت فيه باب الداخلية، وظلت نومريا أيضًا مهجورة لمدة ألفي عام.

لذلك، ظهر نمط معين في الحفريات. بحلول عام 1980، قدم ريست وشاوب نتائج أولية: المستوطنات التي اكتشفوها هي "مدن السهل" الخمس المذكورة في سفر التكوين (سدوم، عمورة، صبوئيم، أدمة، وصوغر).

كان هناك تذمر في الأوساط العلمية. هدد أحد الأكاديميين على الفور بسحب الدعم المالي من بعثة ريست وشوب إذا كانوا يعتزمون حقًا تحديد مواقع التنقيب الخاصة بهم مع "مدن السهل" المذكورة في الكتاب المقدس. ولحسن الحظ، لم تؤثر مثل هذه الهستيريا على استمرار العمل، وبعد حوالي عشرين عامًا توقف الخبراء عن كسر رماحهم في النقاش حول سدوم وعمورة.

ما هو سبب تدمير خمس مدن مزدهرة حوالي عام 2300 قبل الميلاد؟ ه.؟ هل هناك نقاط مشتركة بين علم الآثار والدين؟

يقول الكتاب المقدس أن الله أمطر ناراً وكبريتاً على سدوم والمدن المجاورة لها. وغالبا ما تكون ضربات البرق مصحوبة برائحة كبريتية، ويعتقد بعض المؤلفين القدماء، ومن بينهم تاسيتوس، أن البرق كان سببا في تدمير المدن. يذكر يوسيفوس «الصواعق» أو ببساطة «البرق».

وكما أشارت عالمة الجيولوجيا دوروثي فيتاليانو، "من غير المرجح أن تكون ضربة البرق في حد ذاتها قد تسببت في الحريق الذي أودى بحياة أربع مدن". (نحن نتحدث عن أربع مدن، حيث ادعى البعض أن مدينة زوار نجت من الكارثة).

ولكن دعونا نأخذ عاملاً آخر في الاعتبار. من المعروف منذ القدم أن منطقة البحر الميت غنية بالنفط. ويذكر سفر التكوين "حفر القطران" في وادي السديم بالقرب من سدوم، وفي زمن يوسيفوس كان البحر الميت يسمى عموما بحيرة الإسفلت بسبب قطع القار التي تطفو فيه. وتزايدت أعدادهم بشكل حاد بعد الزلازل. تشير بعض التقارير إلى صخور بحجم المنازل.

كانت سدوم وعمورة جالستين على برميل بارود. علاوة على ذلك، فقد تم بناؤها على صدع كبير في القشرة الأرضية - وادي الأردن والبحر الميت هما استمرار للصدع الكبير في أفريقيا، وهو أحد المناطق الرئيسية للنشاط الزلزالي على هذا الكوكب. وبطبيعة الحال، يمكن أن يؤدي الزلزال إلى نشوب حريق.

تتفق دوروثي فيتاليانو مع افتراضات أسلافها: “حدث زلزال قوي في وادي السديم حوالي عام 2000 قبل الميلاد. ه. وصاحبها انبعاث الغازات الطبيعية القابلة للاشتعال والقار، والتي اشتعلت بسبب النيران في الحرائق المنزلية. وإذا تم استخدام صخور معينة تحتوي على نسبة عالية من البيتومين في بناء الجدران أو المباني الخارجية، فإنها ستوفر وقودًا إضافيًا للنار.

ومن المثير للاهتمام أن نلاحظ أنها كتبت هذا في عام 1973، قبل نشر اكتشاف ريست وشاوب. وأكدت الدراسات الحديثة أن الزلازل لعبت دورا رئيسيا في تدمير المدن.

خصص اثنان من المتخصصين البارزين، د. نيجيف من هيئة المسح الجيولوجي لإسرائيل وك. أمري من مختبر وودشال لعلوم المحيطات في ماساتشوستس، كتابًا كاملاً عن مصير سدوم وعمورة. وفقا لهم، من وجهة نظر جيولوجية، من الممكن تماما أن يكون هناك أصداء للذاكرة الشعبية لكارثة زلزالية قوية في نهاية العصر البرونزي المبكر في قصة المدن المفقودة. ويعتقد النقب والعامري أن الوقود الرئيسي للحريق هو الهيدروكربونات المتسربة من الصدوع في التربة. وينبغي الانتباه إلى حقيقة أن البيتومين الموجود في هذه المنطقة غني جدًا بالكبريت. يمكن أن تؤدي تيارات المياه المالحة الساخنة المسكوبة نتيجة الزلزال إلى تكوين خليط مميت من الغازات القابلة للاشتعال التي تحتوي على نسبة عالية من الكبريت وكبريتيد الهيدروجين.

فهل يمكن اعتبار حل لغز سدوم وعمورة؟ ولكن دعونا ننتظر لإرسال الموضوع إلى الأرشيف.

اتضح أنه بالتزامن مع الزلزال حدثت تغيرات مناخية حادة في المنطقة الواقعة جنوب شرق البحر الميت. الأراضي التي كانت ذات يوم رطبة جدًا وخصبة جدًا أصبحت فجأة أكثر جفافًا وأكثر سخونة. ولهذا السبب، بعد تدمير المدن، لم تكن هذه الأماكن مأهولة بالسكان لفترة طويلة. استمر الجفاف الشديد حوالي ثلاثمائة عام، وخلال هذه الفترة تشكلت الأراضي القاحلة.

لقد أصبح من الواضح الآن بشكل متزايد أن تدمير سدوم وعمورة هو مجرد قطعة صغيرة من أحجية أكبر. بالتزامن مع التدهور الحاد في الظروف المناخية، تم تدمير جميع المراكز الحضرية الكبرى في بلاد الشام تقريبًا، والعديد منها نتيجة للزلازل. في جميع أنحاء تركيا، تم حرق أو هجر ما لا يقل عن 300 مدينة؛ وكان من بينها طروادة، التي اعتبرها شليمان طروادة هوميروس. وفي الوقت نفسه، تراجعت الحضارة اليونانية في العصر البرونزي المبكر. في مصر، انتهى عصر الدولة القديمة وبناة الأهرامات العظيمة: انزلقت البلاد إلى هاوية الفوضى. وانخفض منسوب نهر النيل بشكل حاد، وفي الغرب استعادت الصحراء الكبرى مساحات شاسعة كانت ذات يوم خصبة ومروية جيدًا.

تشير العديد من الحقائق اليوم إلى وقوع كارثة طبيعية في الشرق الأوسط في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد. ه. كان جزءا من كارثة عالمية. علاوة على ذلك، فإن بعض الأدلة تجبر العلماء على النظر إلى ما وراء الأرض بحثًا عن تفسير. هناك سبب واحد يمكن أن يفسر الزيادة الحادة في النشاط الزلزالي وتغير المناخ بسبب إطلاق كميات هائلة من الغبار في الغلاف الجوي: اصطدام الأرض بالنيازك الكبيرة وشظايا المذنبات. وهكذا، فإن جزءًا صغيرًا نسبيًا من المواد المذنبية التي انفجرت فوق بودكامينايا تونجوسكا في سيبيريا عام 1908 تسببت في حدوث هزات سجلتها أجهزة قياس الزلازل في جميع أنحاء العالم ودمرت مساحات شاسعة من التايغا. يمكن أن يؤدي سقوط جرم سماوي أكبر في منطقة الصدع في القشرة الأرضية إلى حدوث زلزال وثوران بركاني.

يعيدنا هذا الاعتبار إلى الوصف الكتابي للأحداث. ما هي طبيعة "النار من السماء" التي دمرت سدوم وعمورة، بحسب سفر التكوين؟ "البرق" في سجلات يوسيفوس ليس برقًا عاديًا، كما قد يبدو للوهلة الأولى. من بين الكلمتين اليونانيتين اللتين يستخدمهما لوصف هذا الحدث، keraunos ("برق") وbolos ("مقذوف")، لم يتم استخدام أي منهما في سياق عاصفة رعدية عادية، مع الرعد والبرق. على وجه الخصوص، تم استخدام كلمة كيراونوس لوصف السلاح المقدس والأكثر فتكًا للإله زيوس، والذي استخدمه فقط في المناسبات الخاصة. في العالم الهلنستي، ارتبط زيوس، باعتباره إله الرعد، بعدد من طوائف النيازك، وتم الحفاظ على "أحجار السماء" وتبجيلها لعدة قرون بعد سقوطها.

قد يبدو الأمر وكأنه امتداد كبير لسقوط نيزك على سدوم وعمورة، الواقعتين على خط صدع في القشرة الأرضية، وحتى فوق رواسب الهيدروكربونات القابلة للاشتعال. ولكن إذا كانت الكارثة، وفقا للمعاصرين، قد حدثت أثناء هطول نيزك كثيف، فمن الممكن أن تغير الأسباب والعواقب أماكنها في أذهان الناس. يمكن أن يتسبب سقوط نيزك أو جزء من مادة مذنب في مكان آخر في حدوث هزات زلزالية، بينما تحترق الشظايا الأصغر في الغلاف الجوي وتضيء سماء الليل.

وعلى هذا فإن قصة سدوم وعمورة التي دمرتها "النار السماوية" والتي أثارت سخرية كبيرة قد تكون مثالاً مثيراً للاهتمام لرد الفعل البشري في زاوية صغيرة من العالم تجاه كارثة على نطاق عالمي.

تبدو القصة التوراتية لسدوم وعمورة وكأنها خيال علمي. وفي الواقع، فإن قصة تدمير مدينتين "بالنار والكبريت" بسبب السلوك الخاطئ لسكانهما تبدو بعيدة المنال. إلا أنهم يؤكدون وجود هذه المدن وموتها الرهيب.

تُظهر لنا قصة سدوم وعمورة الفترة المبكرة من التاريخ اليهودي، قبل وقت طويل من استيطان شعب إسرائيل في أرض الموعد. كان لأسلاف اليهود أسلوب حياة شبه بدوية، حيث كانوا يتاجرون مع الجيران، وانتقلوا من منطقة في الشرق الأوسط إلى أخرى بحثًا عن مراعي جديدة للماشية. وكان زعيمهم في زمن سدوم وعمورة هو البطريرك إبراهيم، الذي يحظى بالتبجيل باعتباره الأب المؤسس من خلال ابنه إسحق عند جميع اليهود، ومن خلال ابنه الآخر إسماعيل عند جميع العرب. يلعب إبراهيم دورًا بارزًا في كل من العهد القديم والقرآن، حيث يتم سرد قصة حياته بنفس الطريقة. إذا قمنا بتفسير التسلسل الزمني الكتابي حرفيًا، فإن الأحداث الموصوفة وقعت حوالي عام 2100 قبل الميلاد. ه.

ولد إبراهيم في "أور الكلدانيين"، والتي تعتبر بشكل عام مدينة أور السومرية في جنوب بلاد ما بين النهرين (العراق اليوم). وانتقلت عائلته من هناك إلى حران (شمال بلاد ما بين النهرين)، حيث توفي والده. في هذا الوقت، كما يذكر تكوين 12: 1-5، كشف الله لإبراهيم عن مصيره. كان على إبراهيم أن يترك بلاد ما بين النهرين ويستقر في كنعان (فلسطين الحديثة): "وَأَجْعَلَكَ أُمَّةً عَظِيمَةً. وأباركك وأعظم اسمك». أخذ إبراهيم زوجته وقريبه لوطًا مع أهل بيتهم، وذهب إلى كنعان. بعد إقامة قصيرة في مصر (بينما كانت هناك مجاعة في كنعان)، استقر إبراهيم ولوط في جنوب كنعان وبدأا في تربية الماشية.

وحدث صراع بين رعاة إبراهيم ولوط على حق استخدام المراعي، فاقترح إبراهيم الانفصال. سافر لوط وعائلته شرقًا إلى السهل على الجانب الآخر من البحر الميت (الأردن حاليًا) ونصبوا خيامهم بالقرب من مدينة سدوم. وكان السهل "يسقى بالمياه كجنة الرب كأرض مصر". واليوم، أصبحت المنطقة أرضًا قاحلة قاحلة ذات مناخ حار للغاية وموارد مائية شحيحة للغاية. ولكن في زمن لوط، كان هناك خمس مدن مزدهرة في السهل: سدوم وعمورة وصبوييم وأدمة وصوغر. لقد حكمهم 5 ملوك وكانوا أقوياء وأثرياء بما يكفي لمهاجمة وهزيمة تحالف حكام بلاد ما بين النهرين.

وفقاً لكتاب التكوين، كل هذا كان سيتغير في يوم واحد. ويشير الكتاب المقدس باستمرار إلى «شر» سكان المدن الخمس، وخاصة سدوم وعمورة. إن طبيعة هذا الفساد، الذي يُخطئ عادة على أنه ميل إلى الانحراف الجنسي، لا تزال غير واضحة تمامًا. لكن من بين خطايا أهل لوط، كانت عدم الضيافة على رأس القائمة، ولم يتم التعجيل بسقوطهم إلا بسبب المعاملة القاسية للملاكين اللذين دعاهما لوط إلى بيته كضيفين مكرمين. بدأ سكان سدوم يطالبون لوط بإخراجهم وبدأوا في كسر الباب، لكن الملائكة أعمتهم، فأعلنوا للوط أن الله قد أرسلهم لمعاقبة المدينة؛ فعليه أن يجمع عائلته على الفور ويلجأ إلى الجبال، ولا يغادر تحت أي ظرف من الظروف ولا ينظر إلى الوراء.

غادر لوط، مع زوجته وبناته، المدينة التي سرعان ما تحولت إلى أنقاض دخان. زوجته، كما تعلمون، خالفت الحظر، والتفتت لتنظر إلى المدينة وتحولت إلى عمود ملح. لجأت بنات لوط وأبيهن إلى مغارة جبلية؛ كانوا خائفين من أنهم الأشخاص الأحياء الوحيدون في العالم.

ثم يتبع ذلك أحد المقاطع الملونة، ولكنها ليست لائقة تمامًا والتي تظهر غالبًا في نصوص العهد القديم. لقد سكرت بنات لوط أباهن وتناوبن في النوم معه؛ ونتيجة لذلك أنجبا منه أبناء. أصبح هؤلاء الأبناء أسلاف الموآبيين والعمونيين - القبائل الأردنية التي تحولت بمرور الوقت إلى أعداء لدودين للإسرائيليين.

وبعد هذا لم نسمع المزيد عن لوط. أما إبراهيم فقد شاهد الكارثة من مسافة آمنة من جنوب فلسطين. وعندما نظر نحو سدوم وعمورة، "... رأى دخانًا يصعد من الأرض كدخان الأتون". تم تدمير جميع مدن السهل من قبل إله غاضب.

البحر الميت غني بالملح لدرجة أن الأسماك لا تستطيع العيش فيه، وتنتشر في سواحله أعمدة من الملح البلوري بمختلف أشكاله. إن احتمال التشابه بين أحد هذه الأعمدة وشخصية بشرية يمكن أن يؤدي إلى قصة رجل تحول إلى عمود ملح. كما أن هذه الأماكن غنية جدًا بالكبريت الأصلي، والذي يوجد أحيانًا على شكل كرات صغيرة. هل يمكن أن يؤدي هذا الظرف إلى ظهور الأسطورة القائلة بأن الله أنزل المطر الكبريتي (النار) على الأرض؟

قصة زيارة ملاكين تشبه إلى حد كبير قصة أخرى من أسطورة قديمة رواها الشاعر أوفيد. إنه يروي كيف جاء الآلهة عطارد والمشتري، اللذان اتخذا شكل البشر، إلى مدينة في فريجيا (وسط تركيا الآن) وتفاجأوا بشكل غير سار بعدم ودية السكان المحليين. ردًا على سوء معاملتهم من قبل الآلهة، تم تدمير مدينة بأكملها، ولم يتبق سوى اثنين من كبار السن الفقراء الذين رحبوا بهم في منزلهم وقدموا لهم الطعام.

في الواقع، كانت قصة المدينة التي تم تدميرها بالأرض بسبب خطايا سكانها شائعة جدًا. ليس عليك أن تبحث بعيداً عن الأمثلة، لذلك هناك إغراء لتفسير قصة سدوم وعمورة بمعنى فولكلوري بحت.

أفضل وصف لمحيط البحر الميت في القرن الأول. ن. ه. ينتمي إلى المؤرخ اليهودي جوزيفوس، الذي أعاد سرد تاريخ شعبه للقراء اليونانيين الرومانيين. ويبدو أن يوسف شهد ما كتب عنه: «بجواره (البحر الميت) منطقة سدوم، التي كانت ذات يوم غنية بخصوبتها وازدهار مدنها، لكنها الآن محروقة تمامًا. ويقال أنه بسبب خطيئة سكانها أهلكها البرق. وحتى الآن توجد آثار للنار التي أرسلها الله، وحتى الآن يمكنك رؤية ظلال المدن الخمس. وفي كل مرة يظهر الرماد مرة أخرى على شكل ثمار غير معروفة، تبدو حسب لونها صالحة للأكل، ولكن بمجرد ملامستها باليد تتحول إلى غبار ورماد. وهكذا تأكدت الأساطير القديمة عن أرض سدوم بشكل واضح.

لم يكن لدى علماء الكتاب المقدس أنفسهم الكثير ليقولوه لدعم فرضية سدوم وعمورة. قام القس تي تشين، أستاذ الدراسات الشرقية وتفسير الكتاب المقدس في جامعة أكسفورد، في مقال نشر في موسوعة الكتاب المقدس عام 1903، بتفسير قصة سدوم وعمورة كبديل للأسطورة المألوفة عن الطوفان الكارثي، حيث يعاقب خطايا الناس بالطوفان العظيم.

وفي عام 1924، عثر فريق من علماء الآثار بقيادة ويليام فوكسويل أولبرايت، على بقايا مستوطنة من العصر البرونزي في مكان يسمى باب الداخلية. وبعد جمع بعض شظايا الطين، أطلق اسم "باب الداخلية" على الخرائط الأثرية لنهر الأردن.

ولكن فقط في السبعينيات. وفي القرن العشرين، بدأ علماء الآثار يدركون الأهمية الحقيقية لهذا الاكتشاف. تحت رمال الصحراء وغبارها توجد مستوطنة كبيرة يعود تاريخها إلى العصر البرونزي المبكر (حوالي 3100-2300 قبل الميلاد).

تُعرف مدينة باب الداخلية الآن بأنها إحدى أقدم المدن الفلسطينية. وعثر علماء الآثار على معبد هناك ومراكز ثقافية أخرى وبقايا جدار وقائي قوي يبلغ سمكه حوالي 7 أمتار مبني من الحجر والطوب الطيني. ومع ذلك، كان الاكتشاف غير المتوقع هو المقبرة القريبة، وهي واحدة من أكبر المقابر في الشرق الأوسط. وفقًا لتقديرات مختلفة، تم دفن ما يقرب من نصف مليون شخص هناك (تم اكتشاف حوالي ثلاثة ملايين وعاء به هدايا جنائزية هناك أيضًا).

حتى قبل أعمال التنقيب، أصبح من الواضح أن باب الداخلية قد دمرته النيران، إذ تناثرت قطع الفحم الإسفنجي في كل مكان بالقرب من المستوطنة. وبعد ذلك، ظل باب الداخلية مهجورًا لمدة 2000 عام، حتى بداية العصر الهلنستي.

وهذه ليست المستوطنة الفلسطينية الوحيدة التي تعاني من هذا المصير. بعد وقت قصير من بدء أعمال التنقيب في عام 1975، عثر علماء الآثار والتر ريست وتوماس شواب على نوميريا، وهو موقع آخر من العصر البرونزي المبكر على بعد 11 كيلومترًا إلى الجنوب، وقد تناثر فيه أيضًا الفحم الإسفنجي الذي يمكن جمعه بحفنة من سطح الأرض. دمرتها النيران في نفس الوقت تقريبًا الذي دمرت فيه باب الداخلية، وظلت نومريا أيضًا مهجورة لمدة 2000 عام.

لذلك، ظهر نمط معين في الحفريات. بحلول عام 1980، قدم ريست وشاوب نتائج أولية: المستوطنات التي عثروا عليها كانت "مدن السهل" الخمس المذكورة في سفر التكوين (سدوم، عمورة، صبوئيم، أدمة وصوغر).

كان هناك تذمر في الأوساط العلمية. هدد أحد الأكاديميين على الفور بسحب الدعم المالي من بعثة ريست وشوب إذا كانوا يعتزمون بالفعل تحديد مواقع التنقيب الخاصة بهم مع "مدن السهل" المذكورة في الكتاب المقدس. ولحسن الحظ، لم تؤثر هذه الهستيريا على استمرار العمل، وبعد حوالي 20 عامًا توقف الخبراء عن الجدال حول سدوم وعمورة.

ما سبب تدمير خمس مدن مزدهرة حوالي عام 2300 قبل الميلاد؟ ه.؟ هل هناك نقاط مشتركة بين علم الآثار والدين؟

وكما لاحظت الجيولوجية دوروثي فيتاليانو، "من غير المرجح أن تكون ضربة البرق بحد ذاتها قد تسببت في حريق كان من الممكن أن يدمر أربع مدن". (يقال عن 4 مدن لأن البعض ادعى أن مدينة زوار نجت من الكارثة).

ومع ذلك، دعونا نفكر في عامل آخر. من المعروف منذ القدم أن منطقة البحر الميت غنية بالنفط. ويتحدث سفر التكوين عن "حفر القطران" في وادي السديم بالقرب من سدوم، وفي زمن يوسيفوس كان البحر الميت يسمى عمومًا بحيرة الإسفلت بسبب قطع القار التي تطفو فيه. وتزايدت أعدادهم بشكل حاد بعد الزلازل. تشير بعض التقارير إلى كتل بحجم المنازل.

وكانت سدوم وعمورة في الأساس على برميل بارود. علاوة على ذلك، فقد تم بناؤها على صدع كبير في القشرة الأرضية - نهر الأردن ووادي البحر الميت، وهما استمرار للصدع الكبير في أفريقيا، وهو أحد المناطق الرئيسية للنشاط الزلزالي على الأرض. وبطبيعة الحال، يمكن أن يؤدي الزلزال إلى نشوب حريق.

تتفق دوروثي فيتاليانو مع افتراضات أسلافها: “حدث زلزال قوي في وادي السديم حوالي عام 2000 قبل الميلاد. ه. وصاحبها انبعاث الغازات الطبيعية القابلة للاشتعال والقار، والتي اشتعلت بسبب النيران في الحرائق المنزلية. وإذا تم استخدام صخور معينة تحتوي على نسبة عالية من البيتومين أثناء بناء الجدران أو المباني الخارجية، فإنها تصبح وقودًا إضافيًا للنار.

خصص اثنان من المتخصصين البارزين، د. نيجيف من هيئة المسح الجيولوجي لإسرائيل وك. أمري من مختبر وودشال لعلوم المحيطات في ماساتشوستس، كتابًا كاملاً عن مصير سدوم وعمورة. وفقا لهم، من وجهة نظر جيولوجية، من الممكن تماما أن يكون هناك أصداء للذاكرة الشعبية لكارثة زلزالية قوية في نهاية العصر البرونزي المبكر في قصة المدن المفقودة. ويعتقد النقب والعامري أن الوقود الرئيسي للحريق هو الهيدروكربونات المتسربة من الصدوع في التربة. ومن الضروري الانتباه إلى أن البيتومين الموجود في هذه المنطقة غني جدًا بالكبريت. يمكن أن تؤدي تيارات المياه المالحة الساخنة المنبعثة نتيجة الزلازل إلى تكوين خليط مميت من الغازات القابلة للاشتعال الغنية بالكبريت وكبريتيد الهيدروجين.

فهل يمكن اعتبار حل لغز سدوم وعمورة؟ لكن دعونا لا نتسرع في إرسال الموضوع إلى الأرشيف.

وتبين أنه بالتزامن مع الزلازل حدثت تغيرات مناخية حادة في المنطقة الواقعة جنوب شرق البحر الميت. الأراضي التي كانت ذات يوم رطبة جدًا وخصبة جدًا أصبحت فجأة أكثر جفافًا وأكثر سخونة. ولهذا السبب، بعد تدمير المدن، لم تكن هذه الأماكن مأهولة لفترة طويلة. استمر الجفاف الشديد لمدة 300 عام تقريبًا، وتشكلت خلالها الأراضي القاحلة.

لقد أصبح من الواضح الآن بشكل متزايد أن تدمير سدوم وعمورة ليس سوى قطعة صغيرة من أحجية أكبر. بالتزامن مع التدهور الحاد في الظروف المناخية، تم تدمير جميع المراكز الحضرية الكبرى في بلاد الشام تقريبًا، والعديد منها نتيجة للزلازل. في جميع أنحاء تركيا، تم حرق أو هجر ما لا يقل عن 300 مدينة؛ وكان من بينها طروادة، التي اعتبرها شليمان طروادة هوميروس. وفي الوقت نفسه، تراجعت الحضارة اليونانية في العصر البرونزي المبكر. في مصر، انتهى عصر الدولة القديمة وبناة الأهرامات العظيمة: انزلقت البلاد إلى هاوية الفوضى. وانخفض منسوب نهر النيل بشكل حاد، وفي الغرب استعادت الصحراء الكبرى مساحات شاسعة كانت ذات يوم خصبة ومروية جيدًا.

واليوم، تشير العديد من الحقائق إلى وقوع كارثة طبيعية في الشرق الأوسط في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد. ه. كان جزءا من كارثة عالمية. علاوة على ذلك، فإن بعض الأدلة تجبر العلماء على النظر إلى ما وراء الأرض بحثًا عن تفسير. هناك سبب واحد يمكن أن يفسر الزيادة الحادة في النشاط الزلزالي وتغير المناخ بسبب إطلاق كميات هائلة من الغبار في الغلاف الجوي: اصطدام كوكبنا بالنيازك الكبيرة وشظايا المذنبات. وهكذا، فإن جزءًا صغيرًا نسبيًا من المواد المذنبية التي انفجرت فوق بودكامينايا تونجوسكا في سيبيريا عام 1908 تسببت في حدوث هزات سجلتها أجهزة قياس الزلازل في جميع أنحاء العالم ودمرت مساحات شاسعة من التايغا. وسقوط جرم سماوي أكبر حجما في منطقة الصدع في القشرة الأرضية يمكن أن يؤدي إلى حدوث زلازل وثوران بركاني.

يعيدنا هذا الاعتبار إلى الوصف الكتابي للأحداث. ما هي طبيعة "النار من السماء" التي دمرت سدوم وعمورة، بحسب سفر التكوين؟ "البرق" في سجلات يوسيفوس ليس برقًا عاديًا، كما قد يبدو للوهلة الأولى. من بين الكلمتين اليونانيتين اللتين استخدمهما لوصف هذا الحدث، keraunos ("برق") وbolos ("مقذوف")، لم يتم استخدام أي منهما في سياق عاصفة رعدية عادية، مع الرعد والبرق. على وجه الخصوص، تم استخدام كلمة كيراونوس لوصف السلاح المقدس والأكثر فتكًا للإله زيوس، والذي استخدمه فقط في المناسبات الخاصة. في العالم الهلنستي، ارتبط زيوس، باعتباره إله الرعد، بعدد من طوائف النيازك، وتم الحفاظ على "أحجار السماء" وتبجيلها لعدة قرون بعد سقوطها.

وعلى هذا فإن قصة سدوم وعمورة التي نالت قدراً كبيراً من السخرية، والتي دمرتها "النار السماوية"، ربما تكون مثالاً مثيراً للاهتمام لرد الفعل البشري في زاوية صغيرة من العالم إزاء كارثة على نطاق عالمي.

ن. نيبومنياشي

ربما، المثل الكتابي عن مدينتين - سدوم وعمورةالتي دمرها الله "بالنار والكبريت" بسبب السلوك الخاطئ لسكانها، معروفة للجميع. وانغمس سكان المدينتين في الفجور، وتميزوا بالقسوة وسوء الأخلاق والفجور، فعوقبوا على ذلك. تتجلى حقيقة وجود المدن الأسطورية بالفعل في النصوص المسمارية التي عثر عليها علماء الآثار. لكن حتى الآن لم يتمكن العلماء من العثور على آثار للمدن القديمة، ويستمر الجدل حول أسباب تدميرها حتى يومنا هذا.

في الألفية الثانية قبل الميلاد. ه. وكانت سدوم وعمورة، بحسب العهد القديم، تقعان على شواطئ البحر الميت، الذي كان يُسمى سابقًا سدوم. وكانت المدن مزدهرة وغنية، وكان سكانها يعيشون حياة خاملة وكانوا غارقين في الخطايا والرذائل. وكعقاب، قرر الله تدمير المدن وسكانها. طلب إبراهيم أن ينقذ سدوم وعمورة من أجل الأبرار الأبرياء، لكن تبين أن لوط وزوجته وابنتيه فقط هم من هؤلاء. فأخرجتهم الملائكة إلى خارج المدينة، ومنعتهم من النظر إليها. عصت زوجة لوط وتحولت إلى عمود ملح. بعد كل شيء، النظر إلى الوراء يعني الندم على الحياة في بيئة خاطئة.

"وأمطر الرب كبريتا ونارا على سدوم وعمورة من عند الرب من السماء. وهدم هذه المدن، وكل الضياع المحيطة بها، وجميع سكان هذه المدن، وكل نبات الأرض،» يقول الكتاب المقدس.

وعلى الرغم من ذكر هذه المدن في بعض المصادر القديمة، خاصة في جغرافية سترابو وتاريخ تاسيتوس، إلا أن العديد من العلماء يشككون في صحة وجودها تاريخيًا. وعلى العكس من ذلك، فإن العالم البريطاني مايكل ساندرز متأكد من أن سدوم وعمورة قد دمرتا بالفعل وتستقران في قاع البحر الميت.

أسباب وفاة المدن تسبب معظم الإصدارات والنزاعات. وفقا لإحدى الفرضيات العلمية، تم تدمير سدوم وعمورة نتيجة لسقوط كويكب. ظهرت هذه النسخة نتيجة لفك رموز سجلات عالم الفلك السومري، الذي وصف بالتفصيل حركة كرة بيضاء ضخمة عبر السماء. بعض العلماء واثقون من أن العمليات التدميرية بهذا الحجم لا يمكن أن تحدث إلا نتيجة الاصطدام بكويكب.

يعتقد العديد من العلماء أن زلزالًا قويًا كان السبب المحتمل لاختفاء المدن القديمة. تم بناء المدن عند صدع في القشرة الأرضية، عند تقاطع طبقتين تكتونيتين، في واحدة من أكثر المناطق نشاطًا زلزاليًا على هذا الكوكب. بالإضافة إلى ذلك، توجد رواسب غاز الميثان في منطقة البحر الميت. ومن الممكن أن يصاحب الزلزال إطلاق غازات قابلة للاشتعال والقار مما تسبب في نشوب حريق. ويتميز البيتومين الموجود في هذه المنطقة باحتوائه على نسبة عالية من الكبريت. ومن هنا جاء "النار والكبريت" في الكتاب المقدس. يلتزم عدد من العلماء من روسيا وإسرائيل بنسخة الانفجار البركاني، وهو ما يفسر أيضًا ذكر "النار والكبريت".

يقترح بعض العلماء أنه في نهاية الألفية الثالثة قبل الميلاد. حدثت كارثة طبيعية في هذه المنطقة، والتي أصبحت جزءًا من كارثة عالمية. تدهورت الظروف المناخية بشكل حاد وجفت الأراضي الخصبة. من الممكن أن يكون سبب التغير المناخي المفاجئ هو إطلاق كميات هائلة من الغبار في الغلاف الجوي، مما يشير مرة أخرى إلى تأثير نيزك.