بوبليوس كورنيليوس سكيبيو - سيرة ذاتية ومعلومات وحياة شخصية. قصة. قرطاج. حنبعل. حرب سكيبيو في إسبانيا

بوبليوس كورنيليوس سكيبيو الأفريقي

نزل القائد الروماني بوبليوس كورنيليوس سكيبيو في التاريخ كمنتصر. كشخص قلب المسار غير الناجح للحرب البونيقية الثانية للرومان، التي شنتها روما وقرطاج من 218 إلى 201. قبل الميلاد. ونتيجة لهذه الحرب حصل على اللقب الفخري - الأفريقي.

المعارك الأولى

ولد سكيبيو في عائلة أرستقراطية. بدأ حياته العسكرية عام 218 قبل الميلاد. في سن 17 سنة. وفي معركة نهر تيسينوس في جبال الألب، هاجم العدو وأنقذ والده خلال معركة مع القرطاجيين.
في عام 216 قبل الميلاد. شارك سكيبيو في معركة كاناي، التي عانى فيها الرومان من هزيمة ساحقة.

وفي السنوات اللاحقة، بذل الرومان جهودًا للسيطرة على إسبانيا، التي كانت معقلًا لقوات حنبعل، التي واصلت الحرب في إيطاليا. كانت القوات الرومانية في إسبانيا تحت قيادة والد بوبليوس كورنيليوس سكيبيو - لوسيوس كورنيليوس سكيبيو. توفي الأب والأخ والعم ووالد زوجة بوبليوس كورنيليوس سكيبيو في القتال ضد القرطاجيين. وكان هذا هو سبب الانتقام من قرطاج وحنبعل. درس سكيبيو باستمرار التكتيكات العسكرية وتوصل إلى استنتاج مفاده أنه في الحرب مع القرطاجيين كان من الضروري الالتزام بالتكتيكات الهجومية.

الحرب في اسبانيا

في عام 209 قبل الميلاد. تم تكليف سكيبيو بقيادة القوات الرومانية في إسبانيا، والتي كانت تتألف من ثلاثة آلاف من سلاح الفرسان و 28 ألف من المشاة. جعل القائد تاراكونا (تاراغونا الآن) معقلًا له، ووجه جهوده الرئيسية نحو الاستيلاء على القاعدة الرئيسية للقرطاجيين - قرطاج الجديدة (مدينة قرطاجنة الآن).

بعد الاستيلاء على الميناء، حرم سكيبيو القرطاجيين من التعزيزات والإمدادات. وبالنسبة لروما، كان ذلك بمثابة غذاء إضافي ونقطة انطلاق للتحرك جنوبًا. وعد سكيبيو بالحرية لجنود العدو بشرط أن يعملوا لصالح روما.

يعود تاريخ هذا الحدث إلى هذا الوقت وكان بمثابة موضوع للوحات العديد من الفنانين. وكان من بين السجناء عروس الزعيم الإسباني ألوتشيا التي أعادتها سكيبيو إلى عريسها. والذهب الذي أحضره والدا الفتاة فدية لها تم تقديمه إلى Allucius كمهر. كانت المؤامرة تسمى شهامة سكيبيو.

ن. بوسين. كرم سكيبيو. متحف الفنون الجميلة. بوشكين. موسكو

الإصلاح العسكري

بعد الاستيلاء على قرطاج الجديدة، بدأ سكيبيو في تحويل الجيش وتدريب جنوده وإعداد الجيش الروماني للعمليات العسكرية المعقدة. كان الجنود مدربين تدريباً جيداً ومسلحين بأفضل السيوف الإسبانية. كانت هذه السيوف مقطوعة وملائمة بشكل أفضل للتكتيكات العسكرية الرومانية.
أثرت التغييرات أيضًا على سلاح الفرسان. حصل الفرسان على دروع جيدة - خوذات ودروع ودروع وسهام. أولى سكيبيو أهمية كبيرة لتدريب الجنود وكان هو نفسه حاضرا في التدريبات.

في 208 - 206 قبل الميلاد. حارب الرومان بنجاح في إسبانيا عام 206 قبل الميلاد. تمكنت من تطويق العدو. كان جيش قرطاج أكبر من حيث العدد، لكن سكيبيو شن هجومًا مفاجئًا وتمكن من تحييد هذه الميزة. كما ساهم الانضباط الصارم والتدريب الجيد للجنود في تحقيق النجاح. ونتيجة لهذه المعركة، عادت إسبانيا إلى الرومان، وتم إعلان سكيبيو إمبراطورًا.

الحملة الإفريقية

بالعودة إلى روما، أقنع سكيبيو الرومان بمحاربة حنبعل ليس في إيطاليا، التي احتل الجيش القرطاجي الجزء الشمالي منها، ولكن بغزو شمال إفريقيا. في عام 204 قبل الميلاد. هبطت قوات سكيبيو على الأراضي القرطاجية، وبفضل الإجراءات السريعة، دون السماح للعدو بالعودة إلى رشدهم، حققوا عدة انتصارات على القرطاجيين.

تم استدعاء قوات حنبعل من إيطاليا للدفاع عن بلادهم، لكن سكيبيو، باستخدام المفاجأة، هاجم القرطاجيين ولم يمنح العدو وقتًا للراحة وإعادة التنظيم. في عام 202 قبل الميلاد. قاتل قائدان عظيمان في معركة زاما. ونتيجة لهذه المعركة، هزم سكيبيو قوات حنبعل.

قرطاج سنة 201 قبل الميلاد. اضطر إلى صنع السلام بشروط تمليها روما. انتهت الحرب البونيقية الثانية. أصبحت الجمهورية الرومانية أقوى قوة في العالم القديم، وتأسست الهيمنة الرومانية في البحر الأبيض المتوسط.

يعود سكيبيو إلى روما كبطل ويحصل على لقب الأفريقي لفتح أفريقيا.

الحرب السورية والسنوات الأخيرة من سكيبيو

بعد استراحة طويلة عام 190 قبل الميلاد. شارك سكيبيو في الحملة ضد سوريا. وكان آخر انتصار عظيم لسكيبيو هو هزيمة جيش الملك السوري أنطيوخس، وأنهى هذا الانتصار الحرب السورية. ثم يعود إلى وطنه.

لم تكن مهنة بوبليوس كورنيليوس سكيبيو الأفريقي كسياسي روماني ناجحة، واضطر إلى مغادرة روما. أمضى سكيبيو السنوات الأخيرة من حياته في منزله في ليتيرنا (في كامبانيا). هنا توفي عام 183 قبل الميلاد.

ترتبط أسماء سكيبيو وهانيبال ارتباطا وثيقا في التاريخ؛ وتوفي كلا القائدين في نفس العام. حنبعل أكثر شهرة في التاريخ ويجذب المزيد من الاهتمام. ولكن، ومع ذلك، هزم سكيبيو حنبعل. كان سكيبيو شجاعًا وحاسمًا ونال احترام وولاء جنوده.

يعد سكيبيو قائدًا قام بإصلاحات عسكرية كبيرة في جيشه، وأحد أكبر وأهم القادة قبل يوليوس قيصر.

التاريخ المصور.

حنبعل وسكيبيو وقرطاج.

ذات يوم سأل سكيبيو حنبعل عمن يعتبره القائد الأعظم. رداً على ذلك سمعت أسماء الإسكندر الأكبر، وبيروس و... حنبعل. ذكّر الفائز الغاضب حنبعل القرطاجيين بهذا. أجاب بهدوء: "إذا هزمت الرومان، سأضع نفسي أولاً".

كما أعرب سوفوروف ونابليون عن تقديرهما الكبير لموهبة حنبعل العسكرية.

حنبعل هو أفظع وأقوى عدو لروما

حتى في شبابه، رافق حنبعل والده في العديد من الحملات، وشارك في الحملة ضد إسبانيا خلال الحرب البونيقية الأولى (264-241 قبل الميلاد)، إلى جانب الرجال البالغين الذين قاتلوا مع الجنود الرومان، دفاعًا عن حق قرطاج في امتلاك صقلية و هيمنتها في البحر الأبيض المتوسط.

في هذا الوقت، أعطى حنبعل، الذي كان يكره روما، والده يمينًا لتكريس حياته لمحاربة الدولة الرومانية.

سيفيرينو بارالدي. الشاب هانيبال

وظل وفيا لهذا القسم طوال حياته. أصبحت عبارة "قسم حنبعل" كلمة مألوفة.

قال تيتوس ليفي (الكتاب الحادي والعشرون؛ 4، 3 وما يليه) إن حنبعل "تحمل الحرارة والبرودة بصبر متساوٍ؛ لقد حدد مقدار الطعام والشراب بالحاجة الطبيعية، وليس بالمتعة؛ اختار وقت اليقظة والنوم، دون التمييز بين النهار والليل؛ كثيرًا ما رآه الكثيرون، ملفوفًا بعباءة عسكرية، نائمًا على الأرض بين الجنود الواقفين في المواقع والحراسة.

وكان متقدما على الفرسان والمشاة بفارق كبير، وأول من دخل المعركة، وآخر من خرج منها. بالنسبة الى كورنيليوس نيبوس، كان حنبعل يجيد اليونانية واللاتينية وكتب عدة كتب باللغة اليونانية.

حنبعل خلال موكب في كابوا عام 211 قبل الميلاد.

تميز القائد بالبراعة وسعة الحيلة. وفي إحدى المعارك، أمر حنبعل بإلقاء أواني الثعابين على أعدائه.

جيش حنبعل يعبر جبال الألب

معركة كاناي 216 ق.م ه. - المثال الأول لبيئة في التاريخ أصبحت كلاسيكية. وعلى الرغم من مرور أكثر من ألفي عام منذ ذلك الحين، إلا أن هذه المعركة لا تزال تدرس بالتفصيل في الأكاديميات العسكرية حول العالم. وتعتبر هذه المعركة نفسها من أكثر المعارك دموية. وبلغت خسائر الرومان 50 ألفًا (حسب مصادر أخرى 60 ألفًا) وخسائر القرطاجيين 10 آلاف.

أثناء حصار مدينة تارانتوم، حصل حنبعل على عميلين هناك - نيكون وفيليمين. للقاء حنبعل، بدأ فيليمين بالخروج للصيد ليلاً، وكان حراس أبواب المدينة معتادين على ذلك لدرجة أنهم فتحوا له البوابات عند أول إشارة. وفي جوف الليل، أحضر حنبعل جيشه بصمت إلى المدينة. عاد فيليمين، الذي كان يغادر "للصيد"، وأيقظ الحارس ودخل بالكلمات: "من الصعب حمل جثة ضخمة". أذهل حجم الخنزير الضخم الحارس، وبينما كان ينظر إلى الوحش، ضربه فيلمين بقرن؛ اقتحم القرطاجيون المسلحون البوابة وفتحوا أبواب المدينة. وفي جزء آخر من سور المدينة، هاجم نيكون الحراس النائمين وقتلهم وفتح البوابة أيضًا. دخل جيش حنبعل المدينة النائمة.

باستخدام عمل المحاربين الذين بدا كسلهم خطيرًا بالنسبة له، قام هذا القائد العظيم بزراعة مساحات شاسعة من أفريقيا بأشجار الزيتون.

أثناء المرور عبر مستنقعات كلوسيان (217 قبل الميلاد)، التي غمرتها فيضان نهر أرنو، أصيب حنبعل بالتهاب شديد في عينيه، ونتيجة لذلك فقد عين واحدة، واضطر طوال حياته إلى ارتداء عصابة العينين.

هناك تصوير وحيد مدى الحياة لهنبعل، وهو صورته الشخصية على عملة قرطاجية مسكوكة عام 221 وقت انتخابه كقائد عسكري.

أثارت الانتصارات العسكرية لحنبعل والنجاحات التجارية للقرطاجيين كراهية الرومان. "يجب تدمير قرطاج!" - المتكلم الشهير السيناتور الروماني كاتو أنهى كل خطاباته بهذه العبارة.

سيفيرينو بارالدي. حصار قرطاج.

سيفيرينو بارالدي. الهجوم على قرطاج

قاومت قرطاج بشدة. تم تحرير العبيد وتجنيدهم في الجيش. وقام سكان البلدة بتسليم كل ما لديهم من الذهب والمجوهرات لشراء الأسلحة والحبوب. تقوم النساء بقص شعرهن لصنع حبال للمقاليع. أغلى شيء تم التضحية به للبعل - مئات الأطفال؛ وسط هدير وآهات الجماهير، احترقوا في بطن تمثال برونزي ضخم لإله متعطش للدماء. تمكن القرطاجيون بأيديهم العارية من صد الهجوم الأول بالحجارة من الجدران، واضطر الرومان إلى التحول إلى الحصار الذي استمر ثلاث سنوات طويلة. وفقط المدينة المنهكة من الجوع استسلمت للجيوش الرومانية.

حكم الرومان على المدينة بالتدمير.

"احترقت قرطاج لمدة سبعة عشر يومًا. لمدة سبعة عشر يومًا ، كانت أشجار الليمون واللوز ، التي كان البستانيون يعتني بها بعناية ، تتلوى في النار. انهارت أقواس وأقبية المعابد التي أقامتها أيدي البناة الفينيقيين المجتهدين. تم تدمير المباني التي ظلت قائمة لمئات السنين وكانت تستحق الوقوف لقرون عديدة. احترقت كنوز التجار القرطاجيين وممتلكات الفقراء البائسة المخبأة في أماكن سرية في النار. كانت المكتبات تحترق، وتخزن خبرات وحكمة الناس.

احترقت قرطاج لمدة سبعة عشر يومًا، وفي اليوم الثامن عشر بدأت السماء تمطر؛ يبدو أن السماء لم تستطع الوقوف وانفجرت بالبكاء. لقد امطرت طوال اليوم."

نيميروفسكي أ.تيبيريوس جراكوس.

يقول التقليد أن القائد الروماني سكيبيو نظر إلى المدينة المحترقة لفترة طويلة، مرددا بهدوء كلمات هوميروس: "سيأتي يوم تهلك فيه طروادة المقدسة..." ثم أمر بتسوية الأطلال المتفحمة، ورش الأرض بالملح حتى لا ينمو شيء هنا، ورسم ثلم بالمحراث - كعلامة على أن المكان الذي كانت تقف فيه قرطاج ملعون إلى الأبد وإلى الأبد.

قرطاج

«انكسر العقيق، وحبات الياقوت تتوهج ككتلة حمراء. وليمة في حدائق هاميلكار، ليلة في تيجان أشجار السرو غير المرئية، مشاعل فوق الطاولات والبحر في مكان ما بالأسفل، العنب والظباء المخبوزة، عبد أسود يقطع اللحم ومحظية ذات سرة عميقة، تنظر في عينيها يصب النبيذ. يوجد أدناه مدينة ليلية، حيث تنام سفن ثلاثية المجاديف وقوارب ثلاثية العجلات في ميناء المطبخ ولا تومض سوى المنارة. المدينة العظيمة تنام وتزني..
لكن ضفائر النساء المقطوعة للمنجنيق لم تساعد، والجدران لم تنقذ روما!
جلس سكيبيو، الملقب بالثعبان، على حجر وشاهد الفيلق يتشكل في ثلاث صفوف. "وإلى جانب ذلك، أعتقد أنه يجب تدمير قرطاج!" - لقد كان في الأرض لفترة طويلة، هذا العجوز العنيد كاتو، أو بالأحرى، كان رماده في جرة ليست على طريق أبيان، وبعد ألفي عام، عندما كنت صبيًا، تعلمت هذه الكلمات باللغة اللاتينية - لأنه تبدو جميلة: "بالإضافة إلى ذلك، قرطاج..." - "مقال Praeteria cenzio Cartaginum delendam..."
الخط الأول قطع الكرمات، والثاني داسها على الأرض، والثالث نثر الملح من الدروع حتى لا ينمو شيء في ذلك المكان. واستقر الغبار، وتم تسخير الثيران في النير، وكعلامة على اللعنة، تم رسم ثلم في المكان الذي كانت فيه المدينة. يقولون أن سكيبيو بكى قائلاً إن نفس الشيء سيحدث لروما - ربما. بالنسبة لنا كل الخراب متشابه..
مشيت على طول الرمال الرمادية، ووقفت بين الحجارة والأكراتريا المكسورة والأعمدة الرومانية - لم أعد أستطيع أن أفهم أين كان مجلس الشيوخ في قرطاج، وأين كانت القصور، وأين كانت إسطبلات الفيلة، فقط القذائف تحت قدمي والبحر لا يزال قائما. تألق في المسافة. من الصعب تصديق ذلك - لكن كل هذا حدث بالفعل!
أعادت معاجين الأكريليك والقماش والنقوش البارزة ما رأيته أكثر من مرة - رمانة مكسورة، وحبيبات الياقوت تتوهج بقوة نقية أبدية، ويتدفق العصير إلى أسفل اليد، و- Ave، Chartagenum!

لافرينتييف ب. قرطاج. مقال

سيفيرينو بارالدي. حنبعل على خلفية حرق قرطاج

وبناء على طلب الرومان، تم طرد حنبعل من قرطاج وفر إلى سوريا. حتى في نهاية حياته، كان يكرر كثيرًا: "لم يُهزم حنبعل على يد روما، بل على يد مجلس الشيوخ القرطاجي".

بعبارة "يجب أن نخفف من قلق الرومان. لقد انتظروا طويلاً بالفعل وفاة رجل عجوز». أخذ هانيبال البالغ من العمر 64 عاماً السم الذي كان معه دائماً، وسكبه في حلقة.

سيفيرينو بارالدي. هانيبال وسكيبيو

بعد هزيمة حنبعل في معركة زاما في أفريقيا، حصل القائد الروماني الشهير سكيبيو على لقب الأفريقي.

يحظى موضوع "كرم سبتسيو" بشعبية كبيرة في الرسم.

خلال الحرب البونيقية الثانية، قدم له فيلق سكيبيو أسيرة جميلة كهدية. شكر القائد الجنود، ولكن عندما علمت أنها تحب شخصًا آخر، أمرت ألوتشيا بالعثور على أقارب الفتاة. جاء الوالدان إلى زعيم الرومان بهدايا غنية، على أمل فدية ابنتهما. لكن سكيبيو رفض الثروة وأرسل الفتاة إلى منزلها بشرط أن تصبح أموال الفدية مهرها في حفل الزفاف.

بيتر بول روبنز 1616 - 1618

نيكولا بوسين

الفكرة التي يسعى الفنان هنا هي الفكرة الرئيسية للكلاسيكية - النصر على أولئك الذين يصعب هزيمتهم، النصر على نفسه. قال القدماء إن تدمير مدينة أسهل من هزيمة النفس. هنا يفوز سكيبيو بأصعب انتصار - الانتصار على عواطفه وعلى نفسه. العقل ينتصر، العقل فوق كل شيء، الفائز يعطي العروس لعريسها الشرعي. ... يضع بوسين جميع الأشكال في منطقة مكانية ضيقة جدًا بين المقدمة وصورة قرطاج المحترقة.

من وصف اللوحة - http://kraeved1147.ru/gmii-nikolya-pussen-stsipion/

فان دايك

ومن المفارقات أن سكيبيو وهانيبال ماتوا في نفس العام 183 قبل الميلاد.

أطلق ميتيلوس خصم سكيبيو سراح أبنائه لحضور جنازته وحذرهم:

"اذهبوا يا أطفالي، لن تضطروا أبدًا إلى حضور جنازة رجل أعظم".

أهدى بترارك العظيم قصيدة "إفريقيا" لسكيبيو.

سؤال المرأة

العبقرية هي أكثر من مجرد القدرة على الأداء بكامل طاقتها. هذه هي القدرة على رؤية الواقع المحيط بوضوح والاسترشاد به. فقط عدد قليل من الرجال حصلوا على مثل هذه الهدية لفترة طويلة. امتلكها نابليون بونابرت في شبابه. وعندما حرك جيشه الضخم نحو موسكو، اعتقد أنه مقدر له أن يكون كذلك. لذلك، بالطبع، كان الأمر كذلك، فقط القدر كان مختلفًا عما تصوره نابليون لنفسه.

ربما كان الشاب بوبليوس سكيبيو هو الوحيد من بين جميع القادة الرومان الذين فهموا أن عدوهم في الواقع هو قرطاج المدينة، وليس حنبعل الرجل. وفي إسبانيا أدرك الحقيقة التي استعصت على القيادة العليا. وبعده بفترة طويلة، لاحظ هنري الرابع ملك فرنسا أن "إسبانيا بلد تتضور فيه الجيوش الكبيرة جوعًا وتُدمر فيه الجيوش الصغيرة". (لقد تعلم نابليون هذا بالطريقة الصعبة.)

وجد سكيبيو نفسه على هضبة شبه صحراوية ضخمة في شبه الجزيرة، حيث تقع المدن على مسافة كبيرة من بعضها البعض، وكانت الإمدادات نادرة؛ حيث كان الفرسان في المناطق الشاسعة أكثر ملاءمة، بدلاً من المشاة البطيئة، التي أثبتت نفسها بشكل جيد في الوديان الإيطالية الصغيرة. لقد فهم بسرعة كبيرة سبب بقاء القرطاجيين في ثلاث تشكيلات منفصلة - لإعالة أنفسهم. كانوا موجودين في معسكرات منفصلة، ​​لكنهم قاتلوا جميعا معا. فإذا تبع إحدى هذه التشكيلات، فقد يتبعه الاثنان الآخران، كما فعلوا عندما دمروا أباه وعمه. وأبقى سكيبيو جيشه بالقرب من قاعدته في قرطاج الجديدة، نهاية الطريق البحري المؤدي إلى روما، بالقرب من المناجم المهمة في جبال الفضة. بدأت هذه المناجم في إنتاج الفضة كل يوم بمبلغ 20 ألف دراخما، وهو أمر حيوي بالنسبة لروما المنهكة.

عرف سكيبيو أنه لا يستطيع تحمل ترف التأخير. ومن خلفه، كافحت روما في قبضة الإرهاق الاقتصادي الشديد، وأنفقت ما تبقى من كنوز معبدها لجمع فيالق جديدة، وقمع المزيد من الانتفاضات (حتى في إريتريا)، وخسارة المزيد من الأرواح في المعركة. وهذا يتطلب المزيد من الجحافل البديلة بينما كان حنبعل ينتظر، مثل ساحر يراقب خدعته وهي تحدث. (وأسرع سكيبيو ليليوس بأطنان من الفضة الثمينة والجوائز لمعبد جوبيتر الذي كان يسمى والده).

كان ظل حنبعل الضخم يخيم على كل شرق إسبانيا. يتذكر الأيبيريون من أصل أرستقراطي أسلوبه المهذب. وفي قلعة كاستولون، فوق المناجم، أنجبت زوجته ولداً. كان المقاتلون الكلتيبيريون والإيليرجيتس ينتظرون كلمته. تقريبًا كل هؤلاء الرجال قليلي الكلام والمتأملين كان لديهم أقارب في جيشه الإيطالي. أدرك سكيبيو أنه لا فائدة من شن حملة في إسبانيا حتى يتمكن من الحصول على الدعم من جزء على الأقل من سكانها. ربما اقترحت دائرة سكيبيو فكرة أخرى أبسط. أفضل طريقة لمحاربة حنبعل هي تقليده.

أصبحت حالة سكيبيو الآن قريبة من حالة هذا الأفريقي الغامض على ضفاف نهر تريبيا، أثناء عاصفة برد. لقد شعر أن قوته امتدت في ذلك اليوم الحار في مدينة كان. تركت تلك الساعات ندوبًا على روحه. لقد فكر بهم بحزن في الظلام بالقرب من قبر المشتري المهجور. شعر سكيبيو بازدراء متزايد لزملائه القادة العسكريين، الذين اشتكوا بصوت عالٍ من الأفريقي المنحط، هذا الوحش القاسي، مدير الحيل التي لا تعد ولا تحصى، الفينيقي الغادر. كانت رغبة سكيبيو الرئيسية هي فهم الجوهر الحقيقي لحنبعل.

كان من الصعب للغاية على الروماني، الذي نشأ بين أقنعة الموت وشهادات شجاعة أسلافه، أن ينسى كل هذه التقاليد ويصبح هو نفسه. لم يتمكن هذا الأوروبي من فهم الساميين الشرقيين بشكل كامل، لكنه كان بإمكانه اتباع فكر شخص آخر. استعد سكيبيو لاستخدام أسلحته ضد حنبعل.

بعد الساعات الأولى من إراقة الدماء والنهب في قرطاج الجديدة (تقليد القوات الرومانية بعد الاستيلاء على مدن العدو)، أمر سكيبيو فيالقه بغمد سيوفهم. علاوة على ذلك، طالب بعدم معاملة الأسبان الأصليين كقبائل مستعبدة. لقد عين الحرفيين الأسرى للعمل في حوض بناء السفن ووعدهم بالحرية بعد نهاية الحرب. لقد احتاج إلى هؤلاء الأسبان ليتوقعوا المكافآت من الحكم الروماني، وتصور في خططه أن أيبيريا الرومانية ستوفر لهم إمدادات سنوية من الفضة الثمينة. وكدليل على حسن نيته، أطلق سراح جميع الرهائن الأيبيريين والسلتيبيريين الذين وجدهم في قرطاج الجديدة. وجميعهم من أقارب القادة الحاكمين. أخبرهم سكيبيو بفعالية:

سوف يحررك مجلس الشيوخ والشعب الروماني من أسيادك الفينيقيين الصارمين. من الآن فصاعدًا، سيكون لديك القانون والنظام وستحظى بحماية الشعب الروماني، الذي ينتصر دائمًا على أعدائه.

عرف سكيبيو كيف يكسب التعاطف. لقد فهم تمامًا الرغبة الغريزية للقادة البرابرة في أن يكونوا في الجانب المنتصر. كما اعتمد بشكل صحيح على تأثير النساء الأيبيرية النبيلات على أزواجهن. في شبابه المبكر، شهد تأثير الفتيات المتحمسين والسيدات المتزوجات. كان يعتقد أن النساء لديهن أفراد يتجاوزون واجبات الإنجاب والواجبات المنزلية المطلوبة من الزوجات اللاتينيات. تطرق جنوده إلى الموضوع "الأنثوي" في إحدى أغانيهم الوقحة:

بوبليوس كورنيليوس يقول: الذهب للقرون ، الفضة - للترياري، وجميع الفتيات الساخنة - لبوبليوس كورنيليوس.

وكان من بين الرهائن امرأة أيبيرية أخذت جميع الفتيات والأطفال الصغار تحت جناحها. وكانت زوجة ابن أحد زعماء القبيلة المؤثرين. قدم سكيبيو عرضًا كاملاً أثناء استقباله لهذه السيدة الإيبيرية. ومن خلال مترجميه، استقبلها بطريقة خاصة. قام شخصيا بتوزيع الألعاب على الأطفال الصغار. يبدو أن أفكار هذه المرأة مشغولة بشيء آخر. لقد أوضحت ذلك للجنرال الروماني الشاب، الذي كان يرتدي توجا بيضاء اللون كثوب شرف. تفاجأت سكيبيو في البداية، وفهمت سبب قلقها. كانت خائفة من الفتيات المتفتحات المتجمعات خلفها. ثم دعا العديد من القادة العسكريين الشباب إلى جانبه. أعلن لهم أمام المرأة أن هؤلاء الفتيات الأيبيرية النبيلات يجب أن يعاملن، تحت أي ظرف من الظروف، كأخوات سكيبيو.

لكن هذا المشهد الشجاع توقف بسبب تعقيد غير متوقع. أحضر العديد من القادة العسكريين الشباب فتاة إسبانية من اختيارهم. كانت جميلة ذات عيون داكنة من عائلة مجهولة، اختارها الشباب المتحمسون لإمتاع حاكمهم. بعد لحظة من الذهول، قام سكيبيو بإخراج نفسه ببراعة من الموقف المحرج. وأعلن أن هذه الفتاة جميلة وجذابة. وبناءً على ذلك، يجب إبلاغ عائلتها بأنه سيتم إعادتها إلى حضانة والدها بأمر من الحاكم.

ومهما كان تأثير هذا الموقف تجاه النساء، فقد حاز سكيبيو على صداقة إنديبيلوس والعديد من القادة ذوي النفوذ من الساحل الشرقي، من قرطاج الجديدة إلى تاراكو وراء نهر إيبرو. هناك، في الشمال، كان الإليرجيتايون هادئين على الأقل، لكن الكلتيبيريين الأقوياء في السهول الوسطى ظلوا مخلصين لتحالفهم مع القرطاجيين. خلق سكيبيو أسطورة معينة عن نفسه، أسطورة عن إحسانه الشخصي. وسوف تختفي هذه الأسطورة مع الهزيمة الأولى للأسلحة القرطاجية.

اهتم سكيبيو بكل شيء. وللتعويض عن ضعف فرسانه، تواصل مع المغاربة والنوميديين على الساحل الأفريقي القريب. بالإضافة إلى ذلك، قام بتدريب جحافله المطيعة بلا كلل. نظرًا لأنهم لا يستطيعون المناورة بسرعة سلاح الفرسان القرطاجي، فيجب عليهم على الأقل التحرك بسرعة من مكان إلى آخر. باتباع هذا التكتيك، تخلى تمامًا عن الحركة الأمامية التقليدية الصلبة لخط ثلاثي ضخم من الجحافل. (كسر حنبعل هذا التشكيل من الأمام، وأحاط به من الجانبين والخلف بقوته الضاربة. وقد شهد سكيبيو حدوث ذلك في كاناي.) كما أعاد تسليح الرومان بسرعة بسيوف إسبانية أطول ذات حدين ورماح حديدية هائلة. أصبحت فيما بعد سلاحًا يوميًا في جيش قيصر. كلتا الكلمتين، غلاديوس (السيف) و بيلوم (الرمح)، تدين بأصولها إلى الكلت الاسبانية.

تفاجأ سكيبيو عندما اكتشف عدد قليل من القرطاجيين الحقيقيين الذين شاركوا في المعارك. اعتمد أعداؤه على التحالف مع شعوب أخرى أكثر قوة جسديًا. فالتحالفات، كما رأى سكيبيو مباشرة في إيطاليا، قد تنهار بسبب الخوف أو احتمال الحصول على مكافآت أعلى في أماكن أخرى. بالإضافة إلى ذلك، كان القائد الروماني الشاب في حيرة من أمره من مدى غرابة الغرف التي تركها حنبعل وصدربعل في القصر فوق الميناء في قرطاج الجديدة. لم تكن هناك أدوات عسكرية أو جوائز في غرف الأخوين بركة. في منافذ جدار الزاوية كانت هناك مذابح وبرديات تحتوي على نصوص يونانية للقراءة. لم يكن القناع الوحيد الذي تم العثور عليه هو قناع الموت، بل كان قناعًا مسرحيًا. كما تم اكتشاف خريطة لشبه الجزيرة الأيبيرية، تم تنفيذها بمهارة على طبق من الفضة. لقد صورت الطرق وسلاسل الجبال والأنهار مثل اللوحة. وفي روما، لم يكن لدى سكيبيو سوى ورقة تشير إلى المسافات على طرقات إيطاليا من مكان إلى آخر. لقد حفظ صورة إسبانيا بعناية وهو يستعد للسير ضد عدوه.

في صيف 208 قبل الميلاد. ه. أجبر صدربعل الرومان على معارضته. استقر شقيق حنبعل في أماكن الشتاء في الأراضي الوسطى بين السجاد. الآن سار باتجاه الجنوب الشرقي باتجاه نتوءات جبال الفضة بالقرب من كاستولون. وبذلك شكل تهديدًا للمناجم التي كانت بحوزة الرومان. اضطر سكيبيو إلى مغادرة الساحل للانتقال إلى الجنوب الغربي نحو الجبال. أثناء قيامه بذلك، لم ينس للحظة أنه عندما اقترب من أحد الجيش القرطاجي، لم يكن لديه أي فكرة عن مكان وجود الجيشين الآخرين.

صدربعل في بيكولا

يقول لنا بوليبيوس: "كان صدربعل دائمًا رجلاً شجاعًا". لقد انتصر بإصرار يليق بوالده بركة. معظم القادة لا يدركون عواقب الفشل... لكن صدربعل لم يترك شيئًا دون مراقبة في استعداده للقتال. ويبدو لي أنه يستحق احترامنا وتقليدنا”.

لا شك أن سكيبيو كان يحترم منافسه. قبل وقت قصير من ذلك، كان صدربعل الذكي قد جعل من القائد العسكري الروماني كلوديوس نيرو أضحوكة. تمكن نيرون من دفع الجيش القرطاجي إلى أحد الوديان المسدودة في إسبانيا، مثلما فعل فابيوس مع حنبعل في إيطاليا. ثم بدأ صدربعل المفاوضات مع نيرون، وناقش طوال الأسبوع شروط مغادرة الوادي، بينما خرج جيشه من الفخ خلفه. وفي نهاية الأسبوع، قطع صدربعل المفاوضات ليترك نفسه، ووصل سكيبيو ليحل محل نيرون. كان من المقرر أن يلتقي صدربعل ونيرو مرة أخرى، ولكن ليس في إسبانيا.

ربما لم يكن سكيبيو مقتنعًا بأن حنبعل قد أجبر شقيقه على مغادرة إسبانيا في ذلك الصيف، لكن مجلس الشيوخ أعطاه أوامر بمنع صدربعل من عبور جبال البيرينيه.

اكتشف سكيبيو القرطاجيين في وادٍ طويل أسفل مدينة بيكولا. عسكر صدربعل على هضبة منخفضة مختبئة خلف التلال ويتدفق أسفلها نهر صغير. كان من المستحيل حساب عدد قواته. (في الواقع، كان صدربعل يضم 25 ألفًا من الأفارقة والإسبان تحت قيادته، في حين بلغ عدد الجيش الروماني 30 ألفًا، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الحلفاء الإسبان).

كان من الصعب الهجوم على الموقع، لكن كان على سكيبيو الهجوم. لقد فعل ذلك بعناية، عبر النهر. وبعد انتظار طويل في أسفل الهضبة، تسلقها سكيبيو بسرعة البرق. أعاد تجميع قواته، وترك الوحدات الأضعف ذات التسليح الخفيف في المركز، بينما تسلقت الجحافل المدججة بالسلاح، بقيادة ليليوس ونفسه، مجاري الأنهار الجافة عند أطراف الهضبة إلى الأجنحة. وهكذا قام بتطويق المعسكر القرطاجي ووضع أعظم قواته على الأجنحة.

توجت مناورة سكيبيو هذه بالنجاح بعد معركة صعبة على سفوح الهضبة. استولى على المعسكر القرطاجي بحركة الكماشة، وسحق قوات صدربعل ذات التسليح الخفيف، ودمر أو أسر 8000 جندي معاد. نهب فيلقه المعسكر.

إلا أن القوات القرطاجية الثقيلة غادرت ومعها 32 فيلاً وجميع الفرسان. كان صدربعل يتجه نحو جبال البرانس.

لم يتمكن سكيبيو من المتابعة. كان هناك جيشان قرطاجيان آخران ينتظرانه ويراقبانه، وكان لا بد من الدفاع عن قرطاج الجديدة. أرسل سكيبيو تعزيزات شمالًا إلى مصب نهر إيبرو، حيث عبر حنبعل قبل عشر سنوات.

مع ذلك، اتجه صدربعل شمالًا بجيشه المتنقل الصغير إلى المجرى الأعلى لنهر تاجة. في مكان ما على طول طريقه، تشاور مع ماجو. قرروا أن يذهب ماجو أولاً إلى جزر البليار للحصول على إضافات جديدة إلى القاذفات، ثم يعود عن طريق البحر إلى شمال إيطاليا، حيث سيلتقي أبناء هاميلكار باركا الثلاثة. تحرك صدربعل نحو جبال البرانس، إلى الممر الغربي، تحت حراسة الباسك الودودين. في أرض الكلت البعيدة ، وجد نفسه أيضًا بين الشعوب الصديقة وحمل معه الكثير من الناس متجهًا نحو نهر الرون (جاء الخريف وكان الوقت قد فات لمحاولة عبور جبال الألب).

وصلت شائعات عن اقتراب صدربعل إلى روما عبر مرسيليا. وكانت المدينة لا تزال في حداد على وفاة اثنين من القناصل على يد حنبعل. وبدا وكأن الآلهة الغاضبة تنزل على القادة الرومان الذين عارضوا الساحر القرطاجي. لم يتبق شخص واحد أثبت قدراته. الشيخوخة جعلت فابيوس معسرا. أما الشاب سكيبيو فقد حقق بعض النجاح، لكنه سمح لصدربعل بالفرار ولم يتمكن بأي حال من الأحوال من التخلي عن جيشه في إسبانيا. والآن مرة أخرى، بعد مرور عشر سنوات، شعرت روما بالخطر. في الشمال، كانت إتروريا تغادر الوحدة؛ ساعدت ليغوريا الغال الكيزالبيني.

قال الناس: "كل هذه الإخفاقات حلت بنا عندما واجهنا جيش عدو واحد وجيش حنبعل واحد. الآن سيكون هناك جيشان قويان وجيشان من حنبعل في إيطاليا.

سيظهر القرطاجي الجديد على وجه التحديد في أخطر مكان، على نهر بو. بعد هذا، ألن يتمكن هانيبال بنفسه من إكمال المهمة؟

خلال الانتخابات في عام الأزمة، تم انتخاب قناصلين - شخصان لم يتمتعا بشهرة خاصة. أصبح كلوديوس نيرو، الذي قام بحملة ضد صدربعل في إسبانيا، قنصلًا للأرستقراطيين. كانت مهمته السيطرة على تصرفات حنبعل. أصبح ليفيوس، الذي لم يكن لديه الرغبة في الخدمة، قنصلًا من عامة الناس وكان عليه أن يتولى قيادة الجيش الشمالي. تم إجراء الانتخابات وطقوس التضحية والتخطيط للعمليات العسكرية، كما في كل الأوقات السابقة، وفقًا للتقاليد الرومانية. لم يتوقع أحد حقًا أن يكون نيرو وليفي متساويين مع ابني هاميلكار برشلونة.

رسالة من نهر بو

بعد ذوبان الثلوج (207 قبل الميلاد)، عبر صدربعل جبال الألب بنجاح أكبر من حنبعل، وعلى ما يبدو، على نفس الممر. كما كان من قبل، كان الأمر الروماني يأمل في اعتراض القرطاجيين في الجبال. لكن الوافدين الجدد نزلوا أسفل نهر بو، وقاموا بتجديد صفوفهم بالليغوريين الصارمين ورفعوا معنويات الغال العاصفين. لقد أغلقوا القوات الرومانية المتقدمة في بلاسينتيا، كما فعل حنبعل، وطوقوا سلسلة جبال الأبنين من الجنوب والشرق. كان لا يزال لدى صدربعل عشرات الأفيال المتبقية، وكان يتحرك بسرعة.

هنا وقع حدث كان له عواقب على منطقة البحر الأبيض المتوسط ​​بأكملها. ترك صدربعل ضفاف نهر بو، وأرسل رسالة إلى أخيه. وفيه رتب لاجتماع جيوشهم في أومبريا على ساحل البحر الأدرياتيكي. حمل هذه الرسالة ستة فرسان، أربعة غاليين واثنان نوميديين. ويبدو أن بعضهم قيل لهم ما تحتويه. من المحتمل أن أحد الغاليين مهد لهم الطريق إلى الجنوب، متجاوزًا معسكرات العدو، إلى مواقع حنبعل في لوكانيا.

وكان حنبعل هناك، لكنه اخترق الخط الروماني إلى ساحل البحر الأدرياتيكي. في هذه المرحلة، كان عائداً لتجميع قواته المتفرقة والتقدم شمالًا، متغلبًا على مقاومة قوية، إلى وادي نهر أوفيد، حيث كانت ساحة معركة كاناي قريبة.

حاول مبعوثون من نهر بو ملاحقته، ولكن تم القبض عليهم من قبل الباحثين الرومان بالقرب من تارانتوم. تم تسليم رسالة صدربعل إلى كلوديوس نيرو، وليس إلى حنبعل.

في تلك اللحظة، صُدم نيرون المتحمس بواحدة من تلك الاستبصارات التي تسمح للناس العاديين بالقيام بأشياء غير عادية. وأعرب عن رأيه بالكلمات التالية: "الوضع يتطور بحيث لم يعد من الممكن شن حرب أخرى بالطرق المعتادة". ترك جيشه معارضًا لحنبعل، وتحرك بفيلق واحد مختار وألف فارس مسلحين بالحراب من الحدود الواقعة تحت سيطرته في الجنوب لينضم إلى ليفي في الشمال ويخبره بخبر لقاء صدربعل. أرسل رسالة إلى مجلس الشيوخ مع شرح، لكنه لم ينتظر الإذن بمغادرة جيشه. وبدلاً من ذلك، أرسل رسلًا يأمرهم بأن تقوم القرى الواقعة على طول طريقه بتسليم خيول وبغال وعربات بديلة إلى الطرق - أي ما يمكن للأشخاص المتعبين استخدامه للمضي قدمًا. لا يمكن الحفاظ على الوتيرة التي حددها إلا بواسطة فيلق.

(يقال كثيرًا، على الرغم من أن هذا غير صحيح، أن نيرون أنهك جيشه وترك العدد المعتاد من نيران المعسكرات مشتعلًا من أجل خداع حنبعل. ولم يأخذ معه سوى 7000 رجل، وترك أكثر من 30000 في مواقع محصنة بالقرب من بينما كانت القوات الأخرى تسيطر على تارانتوم في مؤخرة حنبعل، أدرك نيرون ببساطة أنه لا يستطيع أن يضيع أيامًا ثمينة بينما كان أحد الإخوة القرطاجيين لا يعرف ما يفعله الآخر، بينما كان الرومان يعرفون ما يفعله كلاهما.)

انتظر حنبعل مع أوفيد رسالة لم تصله أبدًا، إذ لم يتمكن من التقدم شمالًا دون معرفة الطريق الذي سيسلكه صدربعل للتحرك جنوبًا. ولم يزوده الفيلق الذي أرسله بمرافقة حصان بأي معلومات. لمرة واحدة، خذلته استطلاعات الخيالة.

وصل صدربعل، بعد أن اجتاز ريميني، إلى ساحل البحر الأدرياتيكي. مثل الكلاب المدربة التي تتجمع معًا عند رؤية الدب، تقاربت التشكيلات الرومانية شرق جبال الأبينيني. تجمعوا تحت قيادة ليفي جنوب نهر ميتوروس. وبعد عبورها بالقرب من مدينة فان، اكتشف القرطاجيون تشكيلًا رومانيًا أمامهم. كانت الأماكن غير مألوفة لصدربعل، على الرغم من وجود غاليين معه يعرفون هذه الطرق. وتوقف لحظة لدراسة الوضع، وربما على أمل تلقي تعليمات من حنبعل.

وصل نيرون إلى الخطوط الرومانية بالقرب من نهر السين الغالي تحت جنح الظلام. وحذر مقدما من عدم نشر أي أخبار عن اقترابه. وتحت جنح الظلام، تجمع رجاله المنهكون في خيام جيش ليفي لتجنب إقامة خيام جديدة. أصر ليفي وطاقمه على أن يستريح الفيلق القادم من الجنوب قبل المعركة، لكن نيرون، الذي عرف حنبعل من تجربته الشخصية، أكد أن التأخير كان مثل الموت. يجب على الجيش الروماني أن يهاجم على الفور. وهذا ما قرروا عليه.

ومع ذلك، فإن انتهاك الانضباط فشل تقريبا كلا القناصل. لاحظت مفرزة استطلاع للقرطاجيين وجود أشخاص في معسكر العدو ظهرت عليهم جميع علامات التعب بعد مسيرة شاقة. وكان على عازف البوق، الذي دعا ليفيوس للقتال أمام الخيمة، أن يبوق مرتين، خلافًا للقاعدة المعمول بها. أدرك صدربعل الذكي أنه كان يواجه قنصلين رومانيين بدلاً من واحد وأن قوات العدو قد زادت. قام بسحب وحداته الخاصة وحاول في تلك الليلة الهروب إلى الروافد العليا لنهر ميتوروس من أجل الهروب على طول طريق فلامينيان إلى الجنوب. بدأت مسيرته نحو الغرب بنجاح، لكن المرشدين لم يتمكنوا من العثور على الطريق إلى هذا الطريق في الظلام. وعندما بزغ الفجر، منع الرومان خروجه إلى طريق فلامينيوس. ربما كان بإمكانه التراجع إلى نهر بو، لكنه بدلاً من ذلك اصطف قواته استعدادًا للمعركة.

تُعرف معركة ميتوروس بأنها إحدى المعارك التي غيرت مجرى التاريخ. في هذه المعركة، وقف الإيطاليون في الصف للمرة الأخيرة ضد الجحافل الرومانية، إرهاصات إمبراطورية قيصر. قام صدربعل بترتيب جيشه وفقًا للمجموعات الوطنية - الليغوريين والإغريق والأفارقة الإسبان. أعطى الأفيال إلى الليغوريين. لبعض الوقت، اندفعت الحيوانات الضخمة إلى صفوف الرومان المقتربين. اندفعت التعزيزات من الليغوريين والإغريق إلى النهر. لم يكن لديهم الوقت لمساعدة صدربعل.

لعدة ساعات لم تكن هناك ميزة على أي من الجانبين. ولكن هنا كلوديوس نيرو أخل بتوازن القوى. كان في نهاية الجانب الأيمن من التشكيل الروماني مع 7000 جندي يحتلون تلة صغيرة يحميها واد ضحل. تبين أن الأعداء الذين كانوا أمامه هم الغال، وفعل الغال كل ما في وسعهم، لكنهم لم يعبروا الوادي للمثول أمامه. عند رؤية الغال أمامه وسماع صوت البوق والصرخات الحربية في الطرف الآخر من الصف الطويل، أدرك نيرو أن جحافل ليفي في هذا المكان كانت ملحومة بإحكام مع الأفارقة الإسبان في حنبعل. وبعد الاستماع إلى كل هذا لفترة طويلة، ترك منصبه مرة أخرى. وفي الوقت نفسه، ترك جزءًا من سلاح الفرسان، الذي كان من المفترض أن يتصرف بقوة على قمة التل.

ثم قاد فيلقه المرهق حول المعركة.

سار نيرون خلف الخط الروماني، على طول الطريق، ليحيط بمؤخرة جيش صدربعل المدجج بالسلاح. كان فيلقه لا يزال آمنًا وسليمًا. كان لهذا تأثير حاسم على القتال اليدوي للرجال المتعبين.

وعندما تذبذبت صفوفه، صعد صدربعل إلى جنوده ليرفع معنوياتهم فقُتل. بعد ذلك، تقدم الرومان المنضبطون بعمق نحو مجموعة الحلفاء التي ليس لها قيادة. غادر الغالون ، بعد أن عانوا قليلاً ، وعادت التعزيزات مع الهاربين. كان هناك ناجون من بين الأفارقة الإسبان، لكن لم يكن هناك من يستطيع أن يحل محل صدربعل. توقف جيشه عن الوجود. في المعسكر القرطاجي، حررت فيالق ليفي 4500 سجين روماني. تعرض الجيش الروماني لأضرار بالغة، لكنه ظل جاهزًا للقتال وشجعه انتصاره غير المتوقع.

في تلك الليلة، قاد كلوديوس نيرو فيلقه جنوبًا. وبعد ستة أيام من رحلة مذهلة (210 أميال)، عاد إلى معسكره بالقرب من نهر أوفيد. كان يسير بسرعة كبيرة لدرجة أن سكان القرى الواقعة على طول طريقه لم يعرفوا شيئًا عن المعركة التي دارت قبل وصوله.

وفي المنتدى الروماني، كان مجلس الشيوخ يجتمع من الفجر حتى الغسق. كان المواطنون يأتون ويذهبون، ويتزاحمون حول المدرجات والكنائس، معلقين على كل كلمة تأتي من جبهات القتال.

"نشأت شائعات غامضة عن ظهور فارسين من مدينة نارنيا بالقرب من بوابة أمبرا مع رسالة مفادها أن العدو قد هُزم تمامًا. في البداية لم يصدقه أحد. ولكن بعد ذلك وصلت رسالة من لوسيوس مانليوس بخصوص الأخبار التي جلبها الفرسان من نارنيا. تم تسليم هذه الرسالة من خلال المنتدى إلى الكوريا. اندفع الناس إلى هناك بفارغ الصبر والارتباك لدرجة أن الرسول لم يتمكن من الاقتراب من أبواب الكوريا. وفجأة انتشرت شائعة مفادها أن الفرسان أنفسهم يقتربون من المدينة. سارع الناس من جميع الأعمار إلى رؤية كل شيء بأعينهم وسماع الأخبار السارة بآذانهم. اندفع الحشد إلى جسر ميلفيان... منذ أن نجا القناصل ماركوس ليفيوس وجايوس كلوديوس [نيرون] مع جيوشهم ودمروا قادة العدو بجحافلهم، أعلن مجلس الشيوخ صلاة شكر لمدة ثلاثة أيام.

بمجرد أن أعاد نيرون احتلال معسكره على ضفاف نهر أوفيد، أمر بإلقاء "رأس صدربعل، الذي أحضره معه وحفظه بعناية، في موقع العدو الأمامي. وحتى يتعرض الأسرى الأفارقة المقيدين للعدو. علاوة على ذلك، كان ينبغي تحرير اثنين منهم من قيودهما وإرسالهما إلى هانيبال ليخبراه بما حدث.

تم كل شيء كما أمر.

وتم ترتيب لقاء احتفالي للقنصلين عند عودتهما إلى روما. ثم أمر مجلس الشيوخ بتطهير إتروريا وأومبريا من أولئك الذين قدموا المساعدة من أي نوع لصدربعل.

واستمر الابتهاج في روما لعدة أشهر. سمع الناس أن حنبعل، ابن حملقار، استلم رأس أخيه وسحب قواته على الفور من أوفيد. أخذ معه العديد من اللوكانيين، وحرر خليج تارانتو حتى ميتابونتوم وذهب إلى جبال بروتيان. هنا، على حدود إيطاليا، بدأ بالانتظار. ولم يجرؤ أحد على مهاجمته.

"كما أن الرومان لم يستفزوه وهو خامل، فآمنوا بقوة هذا الرجل الذي كان كل شيء ينهار حوله".

نهاية قوة باركيد

ولأول مرة منذ مغادرته قرطاج الجديدة قبل اثني عشر عامًا، فقد حنبعل زمام المبادرة في الحرب الكبرى. ولعله كان يعتقد بسخرية أن أعداءه، بقواتهم الهائلة في إيطاليا، لم يحاولوا معارضته. صحيح أنه لم يسمح لهم بفهم مدى الضعف الذي أصبحت عليه قواته. لم ينج سوى الهيكل العظمي لجيشه الإيطالي، بالإضافة إلى عدد قليل من فلاحي لوكان، والبحارة اليونانيين، والفارين من الرومان، وسكان المرتفعات البروتية. ربما كانت حمايته الوحيدة هي اسمه المغطى بالأساطير المذهلة.

وفي هذا الطرف من إيطاليا كان لا يزال يملك ممتلكات أكبر من ممتلكات قرطاجة نفسها. وكان لديه موانئ، على الرغم من صغر حجمها، في لوكري وكروتون، بالقرب من المعبد الجميل في كيب لاسينيوس. كان لديه ما يكفي من الطعام لشعبه وحتى مخزون من الفضة لتلبية احتياجاتهم. كان على حنبعل أن يتساءل حتماً عما إذا كان ينبغي له أن يصعد على متن سفينة ويحاول الوصول إلى أفريقيا وإسبانيا عن طريق البحر، حيث تتجه أفكاره الآن. ولعل الشعور بالقدر بعد وفاة صدربعل جعله ينتظر المعركة على تلاله. ربما كان واضحًا أمام الحقيقة القاسية المتمثلة في أنه إذا غادر بروتيوم، فسوف يتفكك جيشه، بينما تلقى ماجو وغيره من القادة القرطاجيين في إسبانيا تعزيزات من قرطاج برجال وسفن. ومن شبه المؤكد أنه توقع أن يسقط القناصل الرومان بكل قوتهم على ممتلكاته الأخيرة. بصفته قرطاجيًا، كان يتوق إلى الانتقام لرأس صدربعل المهمل بازدراء.

طوال العام التالي، أدت الأخبار التي تلقاها شيئًا فشيئًا من السفن القادمة إلى تفاقم قلقه. وبعد الحصاد، أنهت قافلة من سفن الحبوب القادمة من إسبانيا المجاعة في نهر التيبر. بدأت زراعة حقول لاتيوم مرة أخرى. عادت أطقم السفن التي تم إطلاق سراحها من الأساطيل إلى الزراعة.

على الساحل الآخر من البحر الأدرياتيكي، شعر ملك مقدونيا بتغيير في الحظ وعقد السلام مع الأيتوليين، أتباع روما. أنهى هذا تحالف قرطاج القصير مع سيراكيوز ومقدونيا. ((إذا هُزِمت، فحتى أصدقاؤك سيتخلون عنك.))

ثم كانت هناك هزيمة فظيعة في إسبانيا. في إليبا، حشد ماجو والقادة القرطاجيون، بما في ذلك النوميدي ماسينيسا، كل قواتهم الهائلة في معركة مع القنصل الروماني الشاب. أثناء المعركة، حرك سكيبيو صفوفه ليصطدم بجناح القرطاجيين ويدفع فلولهم نحو شاطئ المحيط. وظلت هاديس هي المعقل الأخير، وكان حنبعل يعلم أن سكانها، مثل المقدونيين، لن يدعموا قرطاج إذا لزم الأمر. لو كان بإمكانه أن يكون بالقرب من إليبا قبل بدء هذه المعركة!

بدأ هاديس بمغازلة سكيبيو، ودخل الرومان المدينة. فتحت الهاوية القديمة، مثل تارانتوم، أبوابها للحكام الذين لن يغادروها أبدًا.

بدأ بعض الأيبيريين والكلتيبيريين في المقاومة، ولكن بعد فوات الأوان. هرب إنديبيل من الرومان، ولكن تم التغلب عليه بسرعة. قاومت قلعة إيلورجيا المفقودة في الجبال تكنولوجيا الحصار الروماني، ومات رجالها ونسائها في الشوارع من سيوف الفيلق. احترقت مدينة أستابا مع سكانها. كان حنبعل يعرفهم جيدًا. استسلم كاستولون، معقل عائلة زوجته. في أقصى الشمال، كان الإيليرجيتس والإديتاني ينهبون الإمدادات الرومانية. قادتهم فيالق سكيبيو إلى الوادي وقطّعتهم إلى قطع.

حقق سكيبيو الخضوع من خلال قوة الخوف. قاتلت الوحدات العسكرية الإسبانية معه ضد أعدائهم الإقطاعيين. كافأهم سكيبيو جميعًا. ولكن مع شعبه يمكن أن يكون بلا رحمة. وعبر نهر إيبرو، تمرد أحد الجحافل ضد قيادته. استدعى سكيبيو 35 محرضًا إلى قرطاج الجديدة. وهناك أحاط بهم جنود الفيلق وجلدوا حتى الموت في المشاعل.

في العام الجديد، بدأ الرومان ألعابًا مميتة في قرطاج الجديدة. دخل المصارعون حاملو السيوف إلى الساحة، متظاهرين بالقتال باسم إله الحرب. وبعد انتهاء العرض الإيمائي، تم غسل الدم الموجود في الساحة وإشعال البخور مكانه.

فكر هانيبال بحزن في الشاب سكيبيو، الذي كان يشبه فابيوس كثيرًا وفي نفس الوقت لم يكن مثله. ومع ذلك، حقق سكيبيو هيمنة كاملة على إسبانيا. انتهت قوة عائلة باركيدز بعد ما يزيد قليلاً عن ثلاثين عامًا.

نجا ماجون. لقد قتل بعض قضاة الجحيم. ثم خرج مع عدة سفن و 2000 من المؤيدين إلى الخليج واقترب بشكل غير متوقع من قرطاج الجديدة من البحر. بعد أن فقد قوته، أبحر إلى جزر بيتيوس وجزيرة مينورا لتجنيد الناس، كما خطط مع صدربعل. ومن كروتوني، أرسل حنبعل رسالة إلى قرطاج، يقول فيها إن ماجو نزل على الساحل الليغوري ليقود المقاومة هناك ويمنع الجحافل من احتلال خط نهر بو.

بعد أن هبطت في ميناء جنوة، اختفى ماجو في سفوح التلال. كان الأخوان بعيدين جدًا عن بعضهما البعض: كان ماجو بالقرب من جبال الألب، وكان حنبعل على طرف إيطاليا.

مع بدء السنة الثالثة عشرة من الحرب، بدا أن الرومان في إيطاليا في حالة سبات. لقد استنفدوا. كان لديهم الكثير لاستعادته والمزيد لمعالجته. وبعد كل المصاعب التي واجهتهم في السنوات الأخيرة، كانوا سعداء بالاسترخاء. عارض بوبليوس كورنيليوس سكيبيو ببصيرته هذا السبات بحزم.

عيد في صيفاقس الطيب

معركة زاما الكبرى، التي عارض فيها سكيبيو حنبعل، لم تبدأ في الربيع الحار عام 202 قبل الميلاد. ه. بدأ الأمر قبل عدة سنوات في ذهن بوبليوس سكيبيو، وما فعله خلال هذه السنوات كان مرتبطًا إلى حد كبير بما حدث في سهل زاما.

بالفعل في مايو 206 قبل الميلاد. ه. (بعد وقت قصير من إليبا) قام سكيبيو بأول محاولة للوصول إلى أفريقيا. ما حدث له هناك أمر لا يصدق تمامًا ويذكرنا برواية مغامرة، لكنه حدث بالفعل.

بعد إليبا، كالعادة، أرسل الحاكم الشاب غنائم رائعة إلى روما، حيث كان حريصًا على الحصول على منصب سياسي مهم. كان يأمل، بمساعدة جيش يتمتع بالخبرة الآن وقادته العسكريين الموهوبين مارسيوس ولايليوس، في الاستيلاء على بقية إسبانيا. وبعد الانتهاء من ذلك، خطط لعبور المضيق لنقل الحرب إلى إفريقيا وإجبار حنبعل على مغادرة إيطاليا والعودة للدفاع عن قرطاج. وكانت هذه الفكرة بسيطة، مثل أي فكرة رائعة. وكان والده قد خطرت له هذه الفكرة حتى قبله، وبدأ في إجراء مفاوضات دبلوماسية مع صيفاقس، ملك النوميديين، الذي سبق له أن زود حنبعل بالخيول. خطط بوبليوس سكيبيو الأكبر لتحويل إسبانيا إلى قاعدة لبعثة أفريقية، كما فعل حنبعل قبل حملته على روما. وما فعله هانيبال كان مثالاً ممتازاً يستحق التقليد.

ربما عندما ركب الشاب سكيبيو السفينة الخماسية في ميناء تاراكو وانطلق إلى البحر، لم يتخيل أنه يغير جوهر جمهوريته: لم تعد دولة إيطالية وأصبحت إمبراطورية ممتدة عبر البحر ل آفاق جديدة. كان هذا، بطبيعة الحال، الحلم العزيز لرؤساء عائلات إيميليان وسكيبيوس. ومع ذلك، كان سكيبيو نفسه مجرد قائد عسكري للجيش، تُنقل إليه السلطة القنصلية في حالة الخطر الشديد. علاوة على ذلك، فإن سلطته لم تتجاوز جبال البيرينيه. (كان نيرون في خطر جلب العار لنفسه ولعائلة كلوديان بأكملها عندما خاطر بمسيرة من جنوب إيطاليا واشتهر بها.) انتهت قوة سكيبيو فعليًا بغزو إسبانيا - عند عودته إلى روما، لم يكن هناك شيء ينتظره سوى العرض المعتاد وإعجاب زوجته. وبدلاً من ذلك، سعى سكيبيو بكل قلبه للفوز في الحرب على حنبعل. حقيقة أنه كان أمرًا لا يصدق مثل الجلوس على جبل بيليون على جبل أوسا لم تمنعه ​​من ذلك.

كانت الرحلة البحرية القصيرة ممتعة، رغم أنها محفوفة بالمخاطر. لم يتلق سكيبيو سوى ضمانات بالسلامة من ملك سيفاكس المتوحش وغير الموثوق به، الذي أصر على لقائهما الشخصي على الساحل الأفريقي. رافق خماسي آخر سفينة الحاكم لأسباب تتعلق بالهيبة أكثر من السلامة. قامت كلتا السفينتين بالدوران حول كيب شيجا - مكان الالتقاء. في ميناء صغير، كانت سبع قوادس قرطاجية ترسو، بفعل النسيم. على مرأى من السفن الرومانية، اصطف البحارة في القوادس، على استعداد للمعركة.

بشجاعة مذهلة، واصل سكيبيو إرسال قواته الخماسية إلى الميناء، دون التوقف عند مواقع القتال. قادتهم عاصفة من الرياح عبر القوادس القرطاجية إلى الرصيف، حيث يمكنهم، كضيوف، الاعتماد على رعاية الملك الأفريقي. أدرك البحارة القرطاجيون ذلك ولم يفعلوا شيئًا.

في قصر السيد، التقى سكيبيو وجهًا لوجه بضيف آخر، وهو قرطاجي. لقد كان صدربعل، ابن جيسجون، الأرستقراطي الذكي في منتصف العمر، هو الذي قاد القوات مع ماجو، ابن هاميلقار، في إليبوس! لا بد أن سكيبيو كان مرتبكًا للحظة.

وأقام صيفاقس حفل عشاء على شرف لقائهما. وكان سعيداً برؤية الخصوم البارزين في الحرب الإسبانية يتصالحون في منزله. كان صيفاقس رجلاً مسناً ماهراً في المفاوضات الصعبة، وكان فخوراً بقدرته على السيطرة على النوميديين المحاربين. وكانت عاصمته كيرتا تقع على الحدود مع ممتلكات قرطاجة، وكان صيفاقس يعامل المنازل المكونة من ستة طوابق هناك ومعبد إيولاس الضخم بكل احترام أحد أفراد القبيلة. كان لديه أيضًا احترام متزايد للانتصارات الرومانية في أيبيريا وللقائد ذو المظهر النسر الذي يمكنه المرور بحرية من بابه. واستطاع صيفاقس حشد عشرات الآلاف من الفرسان المهرة. ومع ذلك، فقد فهم أنه لا ينبغي له الإساءة إلى الرومان، ولكن في الوقت نفسه لا يستطيع أن يدير ظهره للقرطاجيين. وأثناء الوجبة، وصف سكيبيو بأكثر العبارات حماسة (من خلال المترجمين) مزايا الشكل الروماني للحكم.

نصح صيفاقس، الذي لم يكن متحمسًا للقيام بدور شخصي في الحرب، سكيبيو باغتنام الفرصة لإقامة علاقات ودية مع صدربعل. رد سكيبيو بأنه سعيد بذلك. لم يكن لديه أي مشاعر عدائية تجاه عدوه - علاوة على ذلك، وجد رفقته ممتعة.

واختتم النوميدي:

ثم لماذا لا نوافق على السلام؟

قال سكيبيو أن هذه مسألة مختلفة تمامًا.

إنه مجرد أحد القادة العسكريين، الذين ينفذون أوامر مجلس الشيوخ والشعب الروماني، الذين يقررون متى تنتهي الحرب ويصنعون السلام.

قال صدربعل لصاحب المنزل بعد رحيل سكيبيو، إن هذا الرجل أكثر خطورة في المحادثة منه في المعركة.

أخذ الروماني معه وعد صيفاقس بأن يصبح حليفًا. تلقى القرطاجي تأكيدًا بأنه لن يتوقف أبدًا عن كونه صديقًا لقرطاج.

لكن سكيبيو كان لديه أفكار أخرى. أكثر ما كان يحتاجه هو الفرسان الأفارقة الجيدين. للحصول عليهم، استمال قائد سلاح الفرسان اللامع إلى جانبه، والذي ساهم في وفاة والده وقاتل ضد سكيبيو نفسه في إليبا. تلقى ماسينيسا، ملك الماسيليين، تعليمه في قرطاج. وكان مخلصًا لقرطاجة حتى رأى فلول الجيش القرطاجي تُرسل غربًا إلى جزيرة حادس، حيث لا يستطيع سلاح الفرسان العمل. بالإضافة إلى ذلك، كان ماسينيسا مدينًا لسكيبيو، الذي أطلق سراح ابن أخيه الشاب من الأسر. ولم يكن سكيبيو خائفًا من مقابلة ماسينيسا بمفرده في الليل. أصبح زعيم المتمردين الأفارقة ضحية لسحر الرومان وطموحاته الخاصة. في هذه المرحلة تم حرمانه من الميراث. وعد ماسينيسا أنه عندما يهبط القنصل مع جيشه على الساحل الأفريقي، فإنه سينضم إليه مع العديد من الفرسان النوميديين.

الآن، كان من الواضح أن ماسينيسا سوف يفي بوعده، بينما لم يكن لدى صيفاقس مثل هذه النية. ومع ذلك، لم يكن لدى ماسينيسا أي فرص. ولم يكن أكثر من مجرد هارب إلى إسبانيا، بينما كان سيفاكس يتمتع بالسلطة والسلطة. لم يهتم سكيبيو كثيرًا بأن ماسينيسا كان يكره اسم صيفاقس ذاته.

ومع ذلك، فقد أزعجه شيء ما بشدة لأنه تخلى عن خطته لغزو أفريقيا عبر المضيق. ربما أدرك بعد زيارة صيفاقس أن المسيرة الطويلة على طول الساحل إلى قرطاج كانت غير عملية؟ ربما كان خائفا على قاعدته في إسبانيا؟ في ذلك الوقت، كانت هناك موجة من المقاومة في المناطق النائية. قاتل الإيلورجي حتى الموت؛ وتجمع نساء وأطفال أستابا داخل أسوار القلعة، مستعدين للحرق على يد رجالهم بدلاً من الاستسلام للرومان. لا يزال ظل حنبعل ملقى على الأرض.

أسس سكيبيو مستعمرة في وادي بيتيس الجميل، والتي كان من المقرر أن تصبح "لاتينية" في المستقبل. ترك جيشه، ولكن أخذ معه ليليوس الذي لا يقدر بثمن، واستقل سفينة تبحر إلى روما. كان ذلك عشية الانتخابات في العام الجديد.

فابيوس يعارض سكيبيو

فور وصوله، واجه فاتح إسبانيا معارضة تمثلت في كبار أعضاء مجلس الشيوخ. ولأنه ترك مركز قيادته دون إذن، فقد منعه القانون القديم من دخول المدينة. أجبر سلوكه أعضاء مجلس الشيوخ على مغادرة أسوار مجلس الشيوخ للاستماع إليه في معبد بيلونا أخت المريخ. وهنا منعته قناعاته من الفوز بالدخول المنتصر الذي طالب به بجرأة. فقط الفائز برتبة قنصل، والذي لم يكن بوبليوس كورنيليوس سكيبيو، حصل على اللقاء الاحتفالي.

كان هذا بالضبط ما كان يبحث عنه المحارب الشاب. ونظرًا لشعبيته، لم يستطع مجلس الشيوخ إلا أن يسمح له بدخول المدينة كمواطن عادي عبر أبواب المدينة. مستفيدًا من ذلك، نظم سكيبيو مشهدًا كاملاً لمظهره: كان يتبعه قدامى المحاربين والسجناء الإسبان، وكانت أمامه عربات بها سبائك فضية. لقد كان الناس دائما حريصين على المشاهد، وخاصة مع الأبواق والجوائز. ثم قاد سكيبيو الموكب بأكمله إلى معبد جوبيتر، إلهه الراعي، للتضحية بما لا يقل عن 30 ثورًا، واكتسب جمهورًا كبيرًا آخر. وفقا للأسطورة، كان لا تشوبه شائبة مثل توغا الثلج الأبيض. يتجمع عملاء المستقبل عند بابه في الصباح في انتظار ظهوره. أصبحت تصريحاته مشهورة عبر ساكرا. كل يوم كان بيانًا جديدًا، دائمًا رائعًا وغير متوقع.

"لم آت إلى هنا لخوض حرب، أنا هنا لإنهائها." ومرة أخرى: "حتى الآن، شنت قرطاج حربًا على روما؛ الآن سوف تقودها روما ضد قرطاج.

وافقت المجالس الشعبية على كل كلمة قالها، وكان من المقرر أن يتولى سكيبيو رسميًا منصب القنصل في العام المقبل. مع وصوله، اكتسبت مجموعة إيميليان-سكيبيو نفوذًا مهيمنًا. كلوديوس نيرو، الذي فاز بالنصر في ميتوروس، ذهب إلى الظل بهزيمة مجموعة كلوديوس. ليسينيوس كراسوس، شخصية غير واضحة شغلت المنصب القديم لرئيس الباباوات، وأصبح القنصل الثاني. وبما أن التقاليد تمنع البابا الكبير من مغادرة إيطاليا، فقد تم تعيين ليسينيوس لقيادة قيادة القوات التي تقاتل حنبعل في بروتيوم. وكانت صقلية هي الجسر المؤدي إلى أفريقيا.

كقنصل، حصل سكيبيو على الرتبة التي يحتاجها، لكنه لم يكن لديه القدرة على الانسحاب من صقلية. قوبل اقتراحه بقيادة جيش هنا وقيادته من هنا إلى قرطاج بالرفض الشديد.

كان وراء المعارضة مفهوم سابق لا يتزعزع: الموقف الزراعي لمجموعة من ملاك الأراضي ("الزراعة وإيطاليا")، الذين كانوا يتوقون فقط إلى عودة واستعمار بلاد الغال كيسالبينا (حيث وقف ماجو القرطاجي على رأس الليغوريين والغاليين). ). كان التغلب على التقليد القديم أصعب بكثير، والذي بموجبه توسعت الجمهورية فقط داخل حدودها البرية من خلال الجهود المشتركة للجيوش الوطنية والحلفاء. لقد عطل حنبعل خط الدفاع التقليدي هذا لمدة ثلاثة عشر عامًا.

جلب سكيبيو غريب الأطوار إلى الحياة فكرة جديدة تمامًا عن دور الفرد في التاريخ، دور الإمبراطور الحقيقي الذي قاد الرومان إلى البحر، إلى العالم الهلنستي الخارجي الغني والتجاري والخطير.

ربما كان سكيبيو هو الوحيد الذي رأى بوضوح إلى أين كانت سياسات القادة القدامى تقود الدولة الرومانية. راضيًا عن الانتصارات في إسبانيا وفي ميتوروس، سمحوا لحنبعل بالاحتفاظ بمنصبه في إيطاليا. لقد اعتقدوا لا شعوريًا أنه من المستحيل إجباره على المغادرة. كانوا يفكرون فقط في كيفية حماية أنفسهم منه. وبقيت قرطاج على حالها. سنة أخرى، سنتان أو خمس سنوات، وسيبدأون حتماً مفاوضات السلام، وبعد ذلك سيبحر عدوهم الأكبر عائداً بجيشه الذي لم يهزم إلى مدينة لم تتعرض لأي ضرر خلال حوالي عشرين عاماً من الصراع باستثناء خسارة بعض كنوزها.

وعلى درجات معبد جوبيتر، كرر سكيبيو الشائعات التي وصلت إليه:

يقضي هانيبال وقت فراغه في معبد جونو لاسينيا على الشاطئ الجنوبي. وأمر بصب لوح من البرونز يُنقش عليه أوصاف انتصاراته. - وأدرجهم سكيبيو: - في تيسينو، في تريبيا، في بحيرة تراسيمين، في كاناي. وسأفاجأ إذا لم يضيف في النهاية: النصر على الشعب الروماني».

للحصول على موافقة مجلس الشيوخ على خطته للحملة من صقلية، هدد سكيبيو بتنفيذها أمام المجالس الشعبية التي دعمت أيًا من محاولاته لإنهاء الصراع. وكان هذا بمثابة عصيان لإرادة الشيوخ وقلب زعماء مجلس الشيوخ ضد هذا المحارب من إسبانيا. بدأ نقاش ساخن. عارض فابيوس مكسيموس الحملة الأفريقية التي كانت تهدف ضد سكيبيو.

تحدث المماطل بمكر خطيب مجرب وبعداء مكبوت لرجل عجوز للغاية تجاه شاب حقق نفس الشهرة التي حققها هو. وسأل أعضاء مجلس الشيوخ لماذا يجب عليه تحدي رجل أصغر من ابنه؟

وأشاد بـ "المجد اليومي المتزايد لقنصلنا الشجاع للغاية" لسكيبيو. لقد حاول بقوة التقليل من مجده والتفت إلى أعضاء مجلس الشيوخ الأصغر سنا.

"لقد منعت هانيبال من الغزو حتى تتمكنوا أنتم، أيها الأشخاص الذين تتزايد قوتهم باستمرار، من هزيمته".

وفجأة وبخهم في وجوههم. وتساءل، بينما كان هانيبال هنا، ربما يقول المرء، عند بابهم، لماذا يذهبون إلى أفريقيا على أمل أن يتبعهم؟ دعهم يحققون السلام في إيطاليا أولاً قبل أن ينقلوا الحرب إلى أفريقيا.

"أخبرني، معاذ الله أن يحدث هذا! "ماذا لو جاء حنبعل المنتصر ضد مدينتنا، لأن ما حدث بالفعل يمكن أن يحدث مرة أخرى، ألن نضطر إلى استدعاء قنصلنا من أفريقيا، كما استدعينا فولفيوس من كابوا؟"

لقد أعطى مستمعيه فكرة عن مخاطر الساحل الأفريقي ومصير قنصل آخر، ريجولوس، الذي غزاه. لقد قلل بشكل صارخ من إنجازات سكيبيو في إسبانيا. ما الذي فعله بوبليوس كورنيليوس وكان ذا أهمية كبيرة هناك؟ هل سافر بأمان على طول الساحل الصديق لتولي قيادة الجيش الذي كان موجودًا هناك بالفعل ودربه والده الراحل؟ نعم، لقد استولى على قرطاج الجديدة - عندما لم يكن هناك أي من الجيوش القرطاجية الثلاثة. إذن، ما الذي يعتمد عليه سكيبيو، مما يعرض مصير روما للخطر بحملته في إفريقيا، عندما لا ينتظره ميناء واحد ولا جيش صديق واحد هناك؟ من أجل التحالف مع النوميديين، مع صيفاقس؟ وفي إسبانيا، انقلب حلفاؤه السلتيبيريون ضده، وتمرد محاربوه. من ناحية أخرى، في ميتوروس، وحد القناصل جهودهم لإثبات أنه يمكن هزيمة أي غريب في إيطاليا. و- "حيث يوجد حنبعل يوجد مركز هذه الحرب".

طلب فابيوس من مجلس الشيوخ النظر فيما إذا كان سكيبيو يتصرف من أجل الدولة أم باسم طموحاته الخاصة. وكان قد عرّض بالفعل مصير روما للخطر عندما عبر إلى الساحل الأفريقي على متن سفينتين دون إذن من مجلس الشيوخ، على الرغم من أنه كان آنذاك قائداً رومانياً.

واختتم قائلاً: "في رأيي، تم اختيار بوبليوس كورنيليوس قنصلاً من أجل الجمهورية، وليس من أجل نفسه. لقد تم تجنيد جيوشنا للدفاع عن المدينة وإيطاليا، وليس حتى يتمكن القناصل، مثل الطغاة المستبدين، من نقل القوات إلى أي مكان يريدونه.

لقد كان أداءً قوياً من فابيوس، الرجل صاحب السلطة الكبيرة. وقف سكيبيو وعلى وجهه تعبير واضح عن الازدراء لمجلس الشيوخ. ولم يحاول الاعتراض على التهم. فأجاب بأنه راضٍ عن عزمهم تكوين رأيهم الخاص في حياته وأفعاله، وسيوافقهم على هذا الرأي. أما بالنسبة لخطته، ألا يمكنهم تقديم حجة أقوى من حنبعل نفسه؟ لم يكن لدى حنبعل ما يخشاه عند غزو إيطاليا، رغم أنه واجه جيش الشعب الروماني. لم يكن هناك شيء من هذا القبيل في أفريقيا.

ومن المفارقات أن النقاش في مجلس الشيوخ تحول إلى نقاش حول حنبعل نفسه والإجراءات التي كان ينبغي اتخاذها ضده. على الرغم من أن سكيبيو خسر الحجة، إلا أنه حصل على ما أراد - الإذن بالتصرف حسب حاجته. وسمح له مجلس الشيوخ بالعبور من صقلية إلى أفريقيا «إذا كان يعتقد أن ذلك سيفيد الدولة». ومع ذلك، وهذا أمر لا يصدق تقريبًا، فقد حرم سكيبيو من حق سحب الجحافل أو أكثر من 30 سفينة من إيطاليا بما يتجاوز تلك المطلوبة لصقلية. بالإضافة إلى ذلك، يمكنه استدعاء أي شخص يريده أو بناء السفن - ولكن بأمواله الخاصة.

ما تلا ذلك تم بالكامل بمبادرة من رجل واحد، سكيبيو، مدفوعًا بطموح شخصي. في البداية تم كل شيء بأمواله وعلى مسؤوليته الخاصة.

كان الفيلقان النظاميان اللذان كانا ينتظرانه في صقلية يتألفان من جنود منسيين منذ فترة طويلة من كاناي يخدمون في منفاهم.

تلال في لوكرا

هذه الجحافل الخامسة والسادسة "سئمت من التقدم في السن في المنفى". بالنسبة لهم، كان وصول سكيبيو بمثابة ظهور غير متوقع لله. أعادهم إلى الأفعال، وأي أعمال! الأرض في أفريقيا للحصول على ثروات قرطاج وتحقيق النصر النهائي! منذ تلك اللحظة فصاعدًا، استجاب جنود الفيلق، المنسيون منذ زمن كان، والذين تقدموا في السن بالفعل، لسكيبيو بإخلاص مثل الكلب.

أحضر القنصل الشاب معه من إيطاليا حوالي 7000 متطوع فضلوا خدمته في المساحات التي تأثرت بالحرب في أفريقيا، بدلاً من ساحات القتال التي شهدت حنبعل، حيث انتشر الوباء في معسكرات الجيش النظامي. كل هؤلاء المتطوعين لديهم بالفعل خبرة في الخدمة وكانوا انتقائيين فيما يتعلق بالقادة العسكريين. بالإضافة إلى ذلك، ضاعف سكيبيو رواتبهم. على الرغم من أدبه، قام هذا القائد الإسباني بتجنيد الناس بشكل انتقائي. وعندما شكل المتحمسون النبلاء في سرقوسة (قاعدة عملياته) قوة تطوعية مدرعة وراكبة ومتألقة، أخبرهم بلطف عن قسوة الحرب، ووعدهم بسخاء بتحريرهم من هذه المصاعب إذا تبرعوا بمعداتهم. إلى المحاربين ذوي الخبرة.

في الوقت نفسه، حاول سكيبيو إقامة علاقات ودية مع سيراكيوز، الذين كانوا لا يزالون يلعقون جراحهم بعد التطهير الدموي الذي نظمه مارسيلوس. قدم معظم أصحاب المنازل اليونانيين مطالبات بالتعويض عن الأضرار التي سببها الجنود الرومان. استمع البطل الشاب للنظام الجديد إلى شكاواهم ووعد بالتعويض.

كان القسطور موظف روماني، الذي عينه مجلس الشيوخ، شخصًا متلعثمًا ذو شعر أحمر، وهو ماركوس بورسيوس كاتو. كان كاتو هذا (الذي اشتهر دائمًا بعبارة "يجب تدمير قرطاج") يتميز بالبيوريتانية الريفية والإحساس الشديد بالاتجاه الذي تهب عليه رياح السياسة. إلى جانب كل شيء، كان ربيب فابيوس المسن. عندما احتج على تعامل رئيسه المهمل مع المال، قال سكيبيو إنه مسؤول عن أمن الدولة، وليس عن مقدار الأموال التي سيتم إنفاقها. استمرت العداوة بين الرقيب المستقبلي والزعيم النشط لفترة طويلة.

بينما كان سكيبيو يدرب جيشه الناشئ (أكثر من 12.000 ولكن أقل من 20.000 رجل) على الأراضي الوعرة، كان يفكر في كيفية مساعدته. ووجه نداء إلى القادة العسكريين السابقين ذوي الخبرة في الهندسة، الذين جمعوا سفن النقل بجشع البخيل. ومن خلال الخبرة المكتسبة في إسبانيا، عرف أن الرومان لديهم ميزتان على القرطاجيين: حرب الحصار الرائعة وقوتهم البحرية. كان عليه أن يستخدم هاتين الميزتين ضد حنبعل. إذا كان أسطوله أقوى، فسوف تصبح القاعدة الصقلية خطيرة للغاية بالنسبة لقرطاج؛ إذا أضعف، فإنه سوف يجلب كارثة.

نشأت أسطورة بين السجلات اللاتينية مفادها أنه في تلك اللحظة فتحت جميع المدن المتحالفة في إيطاليا، وخاصة مجتمع الإتروسكان، متاجرها بمواد بناء السفن لسكيبيو، على الرغم من معارضة مجلس الشيوخ. وفي غضون 45 يومًا، تم بناء وإطلاق 30 سفينة جديدة وسط هتافات عالمية. تم تجهيز هذه القوادس الثلاثين بآليات التجديف التي أتقن الرومان من خلالها فن الملاحة في العصور القديمة. لقد كانت قصة رائعة، لكن مثل هذه الآليات لم تكن موجودة على الإطلاق. في عام 204 قبل الميلاد. ه. وُصمت المدن الإتروسكانية بالعار بسبب تمردها الأخير، ومع ظهور ماجو سوف تثور مرة أخرى. وأعلنت المدن المتحالفة في كل مكان بسخط أنها غير قادرة على دفع حصتها السنوية "على الرغم من غضب الرومان". رفض مجلس الشيوخ الاستماع إلى كبار الشخصيات حتى يتم التسليم. في الواقع، أحضر سكيبيو 30 سفينة من إيطاليا وتمكن من العثور على نفس العدد قبالة سواحل صقلية. نظرًا لعدم وجود أسطول قتالي أقوى من هذا، قرر إعداد الحملة للحملة.

وهذه الأسطورة بدورها دفعت بعض المؤرخين المعاصرين إلى تقديم الأمر كما لو أن سكيبيو أعد حملته دون أي مساعدة من روما الجاحدة. وهذا أيضا غير صحيح. يعود الفضل حقًا إلى سكيبيو ومجلس الشيوخ الروماني، وبالمناسبة، هانيبال. تكمن الاختلافات بين سكيبيو وحكومته في خلافاتهما الأيديولوجية. كانت الأغلبية في مجلس الشيوخ على حق في اعتقادها أن سكيبيو، مع جيش أكبر من قنصل آخر، يمكن أن ينهك حنبعل بسنوات من حرب الاستنزاف. لقد فهم سكيبيو هذا الأمر تمامًا. لكنه كان قادرا على التنبؤ بما سيحدث في النهاية: إيطاليا المنهكة، المتحررة من حنبعل، لن ترغب أبدا في الدخول في صراع جديد وغزو أفريقيا. (وبالتالي سوف تتضاءل شهرة سكيبيو). ولم يفعل مجلس الشيوخ إلا القليل لمساعدته في البداية، لأنه لم يكن لديه ما يساعده. كان التهديد باختراق حنبعل إلى روما حقيقيًا إذا لم تمنعه ​​القوات العسكرية المتفوقة. لقد كانت مهارة عظيمة (نادرًا ما يتم التعرف عليها) من جانب القرطاجيين الأعور أن يصدوا قوة رومانية كبيرة على تلاله لمدة ثلاث سنوات. تتطلب خطة سكيبيو للاندفاع إلى البحر بجيشه الصغير، على الرغم من كل شيء ضده، رباطة جأش كبيرة من جانبه.

لتشجيع مجنديه وجمع المعلومات، أرسل سكيبيو أولاً مساعده ليليوس إلى البحر. مع انفصال قوي بما فيه الكفاية، عبر ليليوس البحر ووصل إلى الميناء، الذي أطلق عليه الرومان هيبو الملك (بونا الآن)، غرب قرطاج. وصل هنا لنهب الريف ومقابلة ماسينيسا، الذي وصل برفقة عدد قليل من الفرسان، على الرغم من أن هيبو كان ضمن نطاق عائلته. ما ذكره ماسينيسا لم يكن مشجعاً على الإطلاق. ذهب سيفاكس إلى جانب القرطاجيين.

لماذا يتردد القنصل سكيبيو؟ - سأل ماسينيسا. - أخبره أن يأتي بسرعة.

حذر الشاب النوميدي ليليوس من أن الأسطول القرطاجي قد أبحر بحثًا عنه. وغادر المغيرون الرومان على الفور إلى صقلية.

أخذ سكيبيو الكثير من الغنائم التي أحضروها، لكن فكرة البحر تلاشت بسرعة. قرطاج، التي انزعجت من غارة ليليوس، جمعت كل قواتها للرد. تم إنشاء مراكز حراسة وإشارات إشارة على الرؤوس على طول الساحل الأفريقي. تم إنشاء جدار حصن في المدينة، وتم تجنيد الجيش وجمع الأموال، وفي الوقت نفسه كانت أحواض بناء السفن في الموانئ الداخلية تعمل بشكل محموم.

النتائج لم تكن طويلة في المقبلة. خرج الأسطول الذي أغفله ليليوس إلى البحر مرة أخرى ومعه صناديق من الكنوز وتعزيزات قوامها 6000 شخص ومعهم 800 نوميدي وخيولهم و7 أفيال. لقد أفلت من سفن الحراسة الرومانية، كما فعل أسطول ماجو، وجاء إلى جنوة بأوامر لماجو ليضع نفسه على رأس الليغوريين والغاليين ويحاول الارتباط مع حنبعل. لمساعدة حنبعل نفسه، توجهت قافلة مكونة من 100 سفينة، بدون مرافقة ولكن مع أشخاص، وشحنة من الحبوب والفضة، مباشرة إلى لوكريوم في بروتيوم. حدث ظرف غير متوقع أزعج هذه الخطط. أدت العاصفة إلى تشتت القافلة، وأغرقت القوادس الرومانية 20 سفينة نقل. عادت بعض السفن الباقية بأمان إلى قرطاج، ولكن لم تصل أي سفينة إلى الساحل حيث يقع حنبعل.

أصبح من الواضح أن الأسطول الروماني نصف المفكك كان خاملًا: فالسفن التي كانت يقظة في أيام أوتاسيليوس، لم تعد تبحر في البحر. مع تزايد القلق، سمع سكيبيو أن حنبعل قد ترك خطوطه الأرضية وتحرك نحو لوكر.

قام سكيبيو بتحميل كل القوات الموجودة في متناول اليد، مع السلالم والآليات، على القوادس الأولى التي ظهرت، واتجه نحو لوكر. وكانت تقع على مسافة قصيرة من ساحل صقلية، ولكن خارج منطقة سلطته. تجاهل سكيبيو هذا الظرف في خضم نفاد الصبر للتقدم على ساحر كان. وعلى الرغم من تسرعه، حرص على أخذ السفن والمعدات معه.

كان لوكري هو الأكبر بين الميناءين اللذين احتفظ بهما حنبعل في بروتيوم. لقد دخلتها بالفعل مفرزة رومانية صغيرة ، كما هو الحال دائمًا ، بمساعدة الماكرة: سُمح لمجموعة من الحرفيين من لوكري بالعودة إلى ديارهم من الأسر الصقلية بشرط السماح للانفصال الروماني بالخروج من سور المدينة. وتقع المدينة بين تلتين محميتين بالحصون، ولم توغل الكتيبة الرومانية إلا في القلعة الجنوبية. كان يقود هنا بلمينيوس، أحد قادة سكيبيو. تم دفع الحامية القرطاجية إلى التل المقابل.

اقترب حنبعل بسرعة من الشمال، وأصدر أوامره لحاميته بالسير في تلك الليلة عندما اقترب لمهاجمة القلعة التي يحتلها الرومان. سكان البلدة، الذين اعتبروا الجنود الرومان محررين، أخذوا الماء إلى أفواههم ولجأوا إلى منازلهم.

في مثل هذا اليوم دخلت سفينة سكيبيو الميناء، وملأ رفاقه الشوارع بين التلال. سلك كشافته الطريق الشمالي ورأوا سلاح الفرسان القرطاجي يقترب. في المساء، اقتربت طليعة حنبعل من سور المدينة. سارعت أفواج سكيبيو إلى الخروج من البوابات لتشكيل تشكيل قتالي. وعندما وصل حنبعل وجد أسطول العدو في الميناء وجيشًا قويًا في المدينة. لم تأخذ قواته معهم سلالم هجومية أو مقاليع. بعد أن أخذ حاميته من القلعة، غادر حنبعل.

كان هذا الصدام غير الدموي بين القوات المسلحة مجرد حادث. على الأرجح، لم يعلم حنبعل بوجود سكيبيو إلا لاحقًا. ومع ذلك، فقد غرس هذا الشجاعة في فيلق سكيبيو، الذي التقى بالقرطاجي الذي لا يقهر وشهد انسحابه.

الإبحار إلى أفريقيا

كان لدى Locrians مثل هذه العواقب لدرجة أنهم كادوا أن يدمروا الأمر برمته بالنسبة لسكيبيو. أثبت مندوبه، بلمينيوس، أنه وحش سيئ السمعة عندما تم تعيينه لقيادة الميناء الذي تم الاستيلاء عليه. في فورته السادية، أعدم قادة لوكريس الذين تعاونوا مع القرطاجيين، وأرسل الشابات إلى بيوت الدعارة، وأزال الكنوز من معبد المدينة، وأخيراً جلد اثنين من منابر الجيش الروماني. أرسل سكان لوكري، الذين ندموا على تغيير المالكين، مبعوثيهم بشكوى إلى روما.

وقد يكون سكيبيو قاسيا في تحقيق أهدافه: فقد حكم على زعماء التمرد في إسبانيا بالتعذيب العلني، ولوح فيلقه سيوفهم موافقة، لكنه لم يكن شرساً مثل مارسيليوس. لأسباب معروفة له فقط، دعم سكيبيو بلمينيوس. حقق مجلس الشيوخ في هذا الحادث وفي تصرفات سكيبيو. كان جلد المنبر، الذين يتمتعون بالحصانة بموجب القانون الروماني، إهانة، وكان تدنيس المعبد إهانة للآلهة. علاوة على ذلك، كان القنصل الروماني في صقلية يعرض حياته للخطر مرة أخرى خارج منطقة سلطته الشرعية. وأضاف مجلس الشيوخ إلى هذه الاعتبارات التقرير السري الذي قدمه القسطور كاتو عن سلوك سكيبيو في سرقوسة. واتهم التقرير القنصل بالسلوك المخالف لمصالح روما.

بدا أن سكيبيو يسترخي في المساء، ويتحدث مع اليونانيين أثناء تناول كوب من النبيذ. كان قائدًا عسكريًا، يتجول مرتديًا الصنادل والخيتون اليوناني الخفيف ويحضر الألعاب الرياضية في صالة الألعاب الرياضية. ومن المفارقات أن الجدل الجديد حول سكيبيو انتهى بإرسال ممثلين عن مجلس الشيوخ إلى صقلية للتحقيق، مع سلطة عزله. استعد سكيبيو لاستقبال المفتشين من خلال إجراء بروفة للغزو. على طول الشاطئ، أبقى أعضاء مجلس الشيوخ القوادس جاهزة للمعركة. وفي الميناء، كانت عدة مئات من وسائل النقل المصادرة راسية ميتة. وكانت الترسانات تحتوي على جبال من الحبوب والأسلحة. كانت المقذوفات والمقاليع، التي تم الاستيلاء عليها في الغالب في سيراكيوز، تنتظر على الأرصفة. والأهم من ذلك، أن الجحافل الجديدة سارت ذهابًا وإيابًا على أرض العرض، بشكل منسق مثل الآلات.

كان لدى أعضاء مجلس الشيوخ ما يكفي من الخبرة لتقدير المستوى العالي عندما حدث ذلك. مسرورين بظهور هذا الجيش الجديد، الذي لم يكلف الخزانة شيئًا تقريبًا، عادوا إلى روما لتمجيد بوبليوس كورنيليوس سكيبيو باعتباره الابن الجدير لأبيه، المحارب الشجاع، الملتزم بالتقاليد القديمة.

كانت هذه بداية التفضيل تجاه سكيبيو من جانب مجلس الشيوخ، وبعد ذلك بدأ سكيبيو يتمتع بدعمهم الكامل. بعد عرض الغزو الفخم، طالب سكيبيو ببدء الغزو الحقيقي. وعندما صعد محاربوه على متن السفن تعرض لضربة ساحقة أخفاها. وصل مبعوثون من صيفاقس وأخبروا أن زعيم النوميديين يعتقد أنه يجب خيانته لقرطاج. حذرت رسالة شخصية سكيبيو من شن حملة يكون فيها صيفاكس خصمًا له. "لا تهبط في أفريقيا."

ولم يعلن سكيبيو عن هذا التحذير علنًا. ولتفسير ظهور النوميديين في مكان معسكره، قال إن ملكهم ماسينيسا طلب منه الإسراع. ثم أعطى سكيبيو الأمر للجميع بالصعود على متن السفن.

عند الفجر، صعد سكيبيو على متن السفينة الرئيسية، التي وقفت في الانتظار مع القوادس الحربية، استعدادًا لمرافقة قافلة مكونة من 400 سفينة مختلفة وحوالي 30 ألف جندي، بما في ذلك أطقم السفن الحربية. على ظهر السفينة، ذبح بنفسه خروفًا وألقى أحشاءه في البحر. قال الشهود إنه استعان بقوة نبتون لمساعدة السفن الرومانية.

صلى سكيبيو: "أعطني القوة لأجرب حظي في القتال ضد القرطاجيين".

دقت الأبواق، ودعا سكيبيو الطيارين لقيادة السفن إلى ساحل سرت شرق سرقوسة. عندما كانت السفينة الأخيرة من القافلة بعيدة عن متناول الحشد المتجمع على الشاطئ، قام بتغيير أوامره. كان من المفترض أن يقود الطيارون السفن مباشرة إلى قرطاج.

مر أسبوعان قبل وصول سفينة من أفريقيا تحمل التقرير الأول للبعثة. أُعلن للحشد المنتظر في سيراكيوز: "بعد الهبوط المنتصر، تم الاستيلاء على المدينة بضربة واحدة مع ثمانية آلاف سجين وجوائز ضخمة". وكدليل على ذلك، تم تقديم السجناء وصناديق الأشياء الثمينة على متن المطبخ.

لكن الأمور لم تكن تسير على ما يرام.

أحلك ساعات سكيبيو

لقد استيقظت أفريقيا من سباتها وقت السلم لمقاومة الغزاة. لقد اعتبر الشعراء دائمًا المرأة رمزًا لأفريقيا. وفقًا للأسطورة، كانت ملكة قرطاج هي ديدو، التي غزاها إينيس، "سلف" الرومان المفترض، ثم هجرها. قرطاج نفسها، وفقا للأسطورة، تأسست على يد ابنة الملك صور الهاربة. اسمها مشتق من الاسم المؤله تينيت (الأم العظيمة)، وهو المعبد الذي توج تلة بيرسا تكريما له. إنه يرمز إلى كفاح أفريقيا ضد أوروبا، وإنجازات الثقافة القديمة ضد البربرية. ريجولوس، الغازي، كان يعتقد أنه سيصبح فاتحًا للساحل الأفريقي، لكنه وجد نفسه مرميًا مرة أخرى في البحر.

انطلقت قوات مراوغة بشكل غير متوقع لمواجهة سكيبيو، وهو أيضًا قنصل روماني، بعد عبوره الجريء والناجح في منتصف صيف عام 204 قبل الميلاد. ه. هبط على الساحل بالقرب من أوتيكا. هذه المدينة الساحلية، التي كانت أقدم من قرطاج (أطلق عليها الرومان اسم أوتيكا)، أثارت، مثل إمبراطورية قرطاج البحرية، حسد مارسيلوس، وبالإضافة إلى ذلك، احتلت موقعًا استراتيجيًا مهمًا، لأنها كانت تقع بالقرب من مصب نهر قرطاج. نهر باجرادا، على مسافة أقرب من 20 ميلاً من شقيقاته الأصغر، بيرسا. لقد توقع أن يكون قادرًا على غزو أوتيكا أو مهاجمتها بسرعة البرق. من خلال القيام بذلك، يمكن أن يكون لديه قاعدة محصنة، مفتوحة على البحر، على بعد مسيرة يوم واحد من أعمال الحفر الواقية في قرطاج. وبشكل غير متوقع، قاومت هذه المدينة الفينيقية اليونانية الهجوم وصدت. كان على سكيبيو أن يفرض حصارًا على دولة معادية.

تبين أن الساحل نفسه كان معاديًا. توقع سكيبيو إثارة الداخل - عشرات الآلاف من النوميديين التابعين لسيفاكس - ضد القرطاجيين. ومع ذلك، حشد صيفاقس، كما حذر سكيبيو، موارده العسكرية لمساعدة صدربعل، ابن جيسجون، الذي كان لديه عدد قليل من الرجال. وإلى حد ما، كانت المرأة هي المسؤولة. كانت صوفونيزبا ابنة صدربعل الماكر. أخذت سوفونيزبا، وهي شابة جميلة، دروسًا في الموسيقى والإغراء على يد معلمين يونانيين. كانت مكرسة لوالدها وقرطاج. وعقد صدربعل اتفاقه مع النوميدي العجوز بأن أعطاه صوفونيزبا زوجة له، لكي تبلغه عما يفعله وتؤثر عليه. لقد فعلت كلا الأمرين بشكل جيد للغاية.

كما لعب ماسينيسا دوره عندما ظهر على خط الحصار. اعتقد سكيبيو أنه يستطيع الاستفادة من بعض الفرسان النوميديين التابعين للزعيم المنفي. وكان هناك مائتان منهم فقط. لم يكن لدى ماسينيسا أي موارد مرئية سوى الأسلحة اليدوية والثبات الذي لا ينضب. وقال ضاحكاً إنه كان من الممكن أن يتم تجاوزه وقتله لو لم ينشر شائعات عن وفاته.

امرأة، وزعيم قبلي عجوز غامض، ولص ليلي، وساحل صامت معادٍ مع عدم وجود موانئ تقريبًا، كل ذلك مجتمعين لخلق مشاكل لبوبليوس كورنيليوس لا يمكن حلها ببساطة بقوة سلاح فيلقه. جاء الشتاء، وما زالت أوتيكا تقاومه، بينما كان الجيش القرطاجي النوميدي يحشد في السهل. قام سكيبيو بتجديد إمداداته قليلاً عن طريق إفراغ حوض باجرادا الخصب، كما جلبت السفن أيضًا بعض الحبوب من سردينيا. نقل معسكره إلى نتوء صخري شرق أوتيكا. وهنا أحضر قوادسه بالقرب من الشاطئ وأرسل فرقًا للمشاركة في الحصار الذي كان لا بد من إنهائه. أطلق على معسكره اسم "كاسترا كورنيليا". وإعداد المعسكر للدفاع ضد صيفاقس وصدربعل بن جيسجون، أرسل تقارير متفائلة إلى مجلس الشيوخ (أمام كاتو المتشكك)، مع العلم أنه يمكن استدعاؤه عند أول خبر للهزيمة.

قطعت العواصف الشتوية اتصالاتها النشطة مع الشواطئ الشمالية. كما منحوه الفرصة لأخذ قسط من الراحة من هجمات الأسطول القرطاجي المتنامي. ومن بين جميع المخاطر على الساحل الأفريقي، كان هذا هو الأهم.

بشكل لا يصدق، شتاء 204/203 قبل الميلاد. ه. عثر على اثنين من سادة الحرب، هانيبال وسكيبيو، في الرأس وشبه الجزيرة، وكلاهما على ساحل العدو. لعدة أشهر، لم يشارك كلاهما تقريبا في الأحداث. ومع ذلك، ربما كان لدى حنبعل، نظرًا لأن اتصالات سكيبيو محدودة مع مجلس الشيوخ، صورة أوضح لصورة البحر.

كانت روما منهكة ولكن عنيدة، وصمدت في البحر بفيلقها العشرين و160 سفينة حربية، دون احتساب الحملة الأفريقية. من هاديس على شاطئ المحيط إلى ساحل دالماتيا، كانت الجحافل تعسكر، وفي قبضتها الحديدية كانت الجزر، من جزر البليار إلى صقلية، التي كانت الآن في دوامة الحرب.

وفي إسبانيا، عبر نهر إيبرو، كان آخر مركز للمقاومة يحتضر. لم يتمكن ماجو من التقدم أبعد من نهر بو. ولأول مرة، احتفظت روما بقوة برأس جسر على الساحل الأفريقي. كانت مدينة قرطاج لا تزال آمنة على رعن محصن. لكن الرومان أصبحوا الآن حكام الإمبراطورية البحرية، وهو ما كان يطمح إليه آل باركيد. الآن كانت قرطاج نفسها تثير قلق حنبعل.

لقد استسلم على مضض لضغوط الجيشين الرومانيين، ودافع عن الوديان والطرق المؤدية عبر الوديان لكسب وقت ثمين. أصبح أعداؤه يهددون مدينة كونسينسيا، أكبر مدينة تجارية في بروتيوم، بينما احتفظ حنبعل بمدينة كروتون، آخر ميناء للإخلاء.

ولم تفشل سخرية الموقف في إيذائه. على رأس بالقرب من كروتوني كان يوجد معبد جونو لاسينيا - وهو ضريح يوناني قديم كان على حنبعل أن يحتفظ به بأي ثمن. كان هذا المعبد بمثابة وجهة نظره ومكانًا هادئًا للتأمل - وهو نوع من تيفاتا على البحر. وهنا، عند مدخل الهيكل، وضع لوحته التذكارية البرونزية. بحلول هذا الوقت، كان القائد القرطاجي قد رأى وقرأ عددًا لا يحصى من الألواح اللاتينية التي تشهد على الامتيازات والألقاب والانتصارات التي حققها الأرستقراطيون الرومان. درس قوانينهم المنحوتة في الحجر. وقد أقام الآن نصبًا تذكاريًا خاصًا به، وهو عبارة عن قائمة بانتصاراته التي حققها على مدى خمسة عشر عامًا في إيطاليا.

لقد كانت لفتة وداع من رجل لم يرغب قط في الذهاب إلى الحرب. هانيبال لم يفقد روح الدعابة.

حل السهول الكبرى

عندما وصل الربيع، غادر سكيبيو معسكر كاسترا كورنيليا. لقد فعل ذلك بينما لم يكن موسم العاصفة قد انتهى بعد وقبل أن يتمكن الأسطول القرطاجي من الإبحار.

خلال أشهر الشتاء، تغلبت قوته الصغيرة من سلاح الفرسان على جيش كبير من الفرسان المتطوعين من قرطاج وشتتهم - كان فرسان ماسينيسا هم من استدرجوا القرطاجيين المتحمسين إلى حيث كان الفرسان الرومانيون المدربون ينتظرون، مختبئين في الأدغال. بعد هذا النجاح، بدأ سلاح الفرسان في سكيبيو في النمو.

أجرى سكيبيو نفسه، في الشتاء، مفاوضات سلام مع كل من صيفاقس وصدربعل، اللذين كانت معسكراتهما على حدود رأسه. تذكر سكيبيو الرغبة التي أظهرها صيفاقس خلال لقائهما لإنهاء الحرب. خلال مناقشات طويلة، ناقش المبعوثون هذه القضية: ربما سحب جميع الجيوش واستعادة الوضع الراهن؟ لم يقل سكيبيو "نعم" ولا "لا"، بينما قام قادته العسكريون، الذين كانوا حاضرين في المفاوضات تحت ستار الخدم، بتقييم الوضع بعناية، واستعداد وقوة المعسكرين المتعاديين: أقام القرطاجيون بقيادة صدربعل أماكنهم الشتوية بعيدًا عن الخيام النوميدية. وفي النهاية اعترف سكيبيو على مضض بأنه لا يملك صلاحية ضمان صيفاقس ما يريد.

وبينما كان النوميدي القديم يفكر في عزوف الرومان الواضح، وبينما كانت هناك هدنة غير رسمية، اندلعت النيران في إحدى الليالي في كلا المعسكرين، وعندما قفز القرطاجيون والنوميديون لإخماد النيران، وصلوا إلى سيوف سكيبيو. الفيلق. اقتحم فرسان ماسينيسا المعسكرات الفارغة، ولم يكن لدى صدربعل وصيفاقس الوقت الكافي للاستيقاظ والهرب. بعد الحريق، ورث الرومان الكثير من الغنائم والمستودعات والخيول.

بالخطاف أو المحتال، قاد سكيبيو ولايليوس الأفارقة بعيدًا عن خط حصار معسكر كاسترا كورنيليا.

بعد ذلك، استغل سكيبيو بلا رحمة ودون أي تأخير ميزته كقائد متمرس وانضباط جيشه. وأجبرت النيران في المعسكرات القرطاجيين على العودة إلى مدينتهم، وأجبر النوميديون على العودة إلى سيرتا، معقل صيفاقس في الغرب. مرت ثلاثة أسابيع قبل أن يعزز القادة ويجمعوا أتباعهم في الأراضي التي تسمى السهول الكبرى. أصرت زوجة صيفاقس القرطاجية على تصرفاته النشطة. لقد ساعده وصول المساعدة غير المتوقع. وصل 4000 كلتيبيري من الساحل الغربي. وكان هؤلاء من قدامى المحاربين ذوي الخبرة العسكرية الواسعة. لم يتم الكشف عن كيفية وسبب مجيئهم إلى قرطاج. ويبدو أنهم عبروا إلى أفريقيا لدخول الخدمة، التي انتهت في إسبانيا.

في البداية، كان كل شيء في أفريقيا جيدًا بالنسبة للكلتيبيريين. وبشجاعة غير متوقعة، سحب سكيبيو أفضل فيالقه مع فرسانهما المتزايدين، النوميديين والرومان، من خط الدفاع. وبعد خمسة أيام من السير القسري، شبه الخفيف، وصل إلى مركز تعبئة القرطاجيين والنوميديين في السهول الكبرى.

وكان للمعركة التي تلت ذلك، والتي دارت بين حوالي 16000 روماني ضد جيش متحالف قوامه عشرين ألفًا، عواقب وخيمة على قرطاج. هاجم ليليوس وماسينيسا أجنحة القرطاجيين. ضربت جحافل سكيبيو المتقدمة من الأمام. كان المركز القرطاجي، الذي كان جوهره الكلتيبيريون، محاطًا بسلاح الفرسان السريع ورتب متقاربة من المشاة المدججين بالسلاح. لم يبذل السلتيبيريون أي جهد للهروب. نظرًا لكونهم إسبانًا من مقاطعة إسبانيا الرومانية الجديدة، فقد عرفوا أنهم سيدفعون حياتهم ثمنا واختاروا الموت والأسلحة في أيديهم. ومن المعروف أن الأمر استغرق جهداً كبيراً من جانب الفيلق لوضع حد لهم.

حصل سكيبيو على ميزة أخرى على أعدائه. كان لديه جنرالان ممتازان، ليليوس وماسينيسا. أطلق سراح ماسينيسا في مطاردة جامحة للهاربين إلى نوميديا، إلى الغرب، ثم أرسل ليليوس مع مجموعات مسيرة نشطة لدعم ماسينيسا ومراقبته. ترك سكيبيو خط الدفاع في أوتيكا ليدافع عن نفسه، وضرب تونس، الواقعة على بحيرة كبيرة مقابل قرطاج. لم تكن تونس مشهورة إلا بمحاجرها وتجارها، لكن بحيرتها كانت بمثابة ملاذ آمن للأسطول القرطاجي.

رأى سكيبيو في تونس أكثر ما كان يخشاه، وهو أن أسطول العدو كان يغادر محطته. دون أن يضيع دقيقة واحدة، هرع على ظهور الخيل، برفقة مفرزة صغيرة (تبعته الجحافل)، إلى معسكر كاسترا كورنيليا. هنا تم تجهيز القوادس الرومانية بمحركات الحصار وإرسالها لقصف أوتيكا، بينما رست سفن النقل دون أي حماية. ركض سكيبيو إلى معسكره. هناك هو نفسه وطاقم السفن وجميع الجنود الموجودين تحولوا على الفور إلى مهندسين. نظرًا لأن قوادس سكيبيو الحربية القليلة لم تكن في حالة تسمح لها بالإبحار إلى البحر، فقد تم استخدامها كحواجز. ربما لم يفكر أحد باستثناء الرومان في بناء جدار وقائي من المراكب الشراعية، ولم يتمكن سوى المحاربين من التلال السبعة من معرفة كيفية القيام بذلك. لقد اصطفوا سفن النقل الثقيلة من مقدمة السفينة إلى مؤخرة السفينة، في عدة صفوف باتجاه القوادس، وأزالوا الصواري والقضبان العرضية لربط السفن معًا، وألقوا جسور الصعود من القوادس إلى الصف الخارجي للسفن. ثم قام جنود الفيلق بتسليح أنفسهم وإعداد المعدات للدفاع عن جدار سفنهم الفريد.

ارتكبت الرائد القرطاجي خطأ البقاء في البحر المفتوح في انتظار مغادرة أعدائها للميناء، وهو ما لم يحدث بالطبع. عندما تحركت القوادس القرطاجية نحو ساحل أوتيكا في اليوم التالي، وجدت جدارًا من سفن النقل يديرها محاربون، فخسروا المزيد من الوقت، في حيرة من هذا التكتيك الجديد. ومع ذلك، كان القرطاجيون بحارة ماهرين مثل الرومان الذين كانوا حرفيين ماهرين. انتهى الصراع في أوتيكا بانتصار القرطاجيين في سحب حوالي 60 سفينة شراعية رومانية. وكان على سكيبيو أن يحرس معسكر كاسترا كورنيليا لبعض الوقت.

في هذه الأثناء، انطلق ماسينيسا عبر أرض أجداده في المسالي لكسر المقاومة حول عدوه صيفاقس، وعزل صيفاقس نفسه، وتقييد القائد الجريح بالسلاسل لعرضه في الريف. وحيث كانت المعارضة قوية، تدخل ليليوس بقوات مشاة مدججة بالسلاح وهزمها. لكن هذه كانت أرض أسلاف ماسينيسا. تُرك سكان البلدة بدون قائد عندما تم تقييد صيفاقس بالسلاسل، وكان البدو يريدون فقط متابعة المنتصرين.

سقط كيرتا، وعند مدخل القصر رأى ماسينيسا صوفونيزبا تنتظره. تقول الأسطورة أنها توسلت إلى الشاب النوميدي ألا يسمح لها، وهي قرطاجية، بالوقوع في أيدي الرومان. يزعم الشعراء أن ماسينيسا كان مجنونًا بها. وربما عزز ماسينيسا انتصاره على صيفاقس الجريح بأخذ زوجته الشابة. احتج ليليوس، الذي وصل لفرض القانون والنظام في هذه الأرض المفتوحة غير المنظمة، قائلاً إن صوفونيزبا كان عميلاً للقرطاجيين وهو الآن سجين مجلس الشيوخ والشعب الروماني. ولم يستمع إليه ماسينيسا، الذي شعر بعودة قوته. ومع ذلك، أجبره ليليوس على اللجوء إلى سكيبيو لحل هذه المشكلة.

عاد الرجال الثلاثة إلى خطوط أوتيكا، حيث قرر سكيبيو إرسال صيفاقس الجريح كقائد أسير إلى روما. لا بد أن كلاهما تذكرا لقاءهما عندما كانت ضيافة صيفاقس تحمي الوالي الشاب. تقول الأسطورة التي أحاطت بصوفونيسبا أن صيفاقس اتهمها بالاحتيال بإفساد صداقته مع سكيبيو وأنه حذر الجنرال الروماني من أنها ستفعل الشيء نفسه مع ماسينيسا. من المشكوك فيه جدًا أن يلوم نوميدي، الذي كان يتمتع بسلطة مدى الحياة، امرأة على سقوطه. على الأرجح، لم يكن سكيبيو الحذر يريد أن تصبح امرأة قرطاجية زوجة ماسينيسا، وخاصة امرأة مثل سوفونيزبا. كان سكيبيو بحاجة ماسة إلى سلاح الفرسان النوميدي.

وناقش الاثنان هذا الأمر، فخرج ماسينيسا من خيمة الرومان ليتأمل بمفرده في الليل. كما كان بحاجة إلى حليفه، لأنه بدون الجحافل الرومانية لم يتمكن ماسينيسا من مقاومة قوة قرطاج.

وتختتم الأسطورة قصة هذه المرأة بمشهد كأنه من مأساة يونانية، وصفته ليفي بذوق. يُزعم أن ماسينيسا أرسل أحد نوميدييه إلى القصر في سيرتاي ومعه السم في كوب وطالب سوفونيزبا باتخاذ خيار: الموت أو الذهاب كسجين مع صيفاقس إلى روما. وبعد ذلك قالت للرسول: لم أتوقع هدية زفاف كهذه من زوجي. وشرب السم .

ومهما كان الأمر فقد قُتلت المرأة القرطاجية. تم إحضار النوميدي القديم المقيد بالسلاسل إلى روما مع أدلة أخرى على انتصار سكيبيو. تم احتلال الساحل المعادي. كمكافأة، تلقى ماسينيسا هدايا ملكية من سكيبيو، الذي خاطبه بعد ذلك كملك. حصل على تاج ذهبي ورداء مطرز فاخر ومنصب حكومي رفيع في الكوريا. تم تتويجه أمام صف من الجحافل. أصبح أول ملوك الشرق الذين أصبحوا معروفين بأنهم أحد رعايا روما.

ومع ذلك، فإن قصة وفاة سوفونيزبا عاشت أكثر من مجد ماسينيسا.

قرطاج تدعو أبنائها للعودة إلى ديارهم

بعد كارثة السهول الكبرى، شعرت قرطاج بالخطر. حتى هذا الوقت، كما يحدث غالبًا، كانت هناك خلافات لا يمكن حلها في مجلس بيرسا. تحسر حزب سلام قوي على فشل بارسيدس وطالب بالمصالحة مع روما، وأصرت مجموعة أخرى على عودة حنبعل، وحثت مجموعة ثالثة على ضرورة بذل المزيد من الجهود لطرد سكيبيو من المواقع التي احتلها، حيث أجرى تمهيدًا غير رسمي المفاوضات في الشتاء وفي الشوارع المزدحمة أسفل بيرسا، طالبت النقابات التجارية والحرفيون والمواطنون العاديون بصوت عالٍ حنبعل. لم يعرف سوفيت القرار الذي يجب اتخاذه.

بين منتصف مارس وأواخر يونيو، تدفقت الجحافل الرومانية على الطرق الداخلية، واختفى جيش ميداني قرطاجي في السهول الكبرى. ومن خليج سرت إلى حدود نوميديا، انقطعت المدينة عن القارة. وهرع اللاجئون إلى المدينة بأمتعتهم، لكن دون طعام. وكانت المحاصيل على ضفاف نهر بغرادا الحيوي تحت تصرف العدو. تفوح رائحة الجوع في الشوارع المزدحمة. لقد تغيرت جميع الخطط.

ثلاثة أسوار تحمي المدينة الآن عند طرف الرأس. واتخذت الحاميات مواقع داخلها؛ كان الأسطول يحرس مدخل الميناء. لكن المدينة لم تكن قادرة على الصمود لعدة أشهر دون وصول الطعام من المناطق النائية. لم تكن الحامية مستعدة لمواجهة جيش مثل جيش سكيبيو في ساحة المعركة. بعد حرمانها من المجندين النوميديين، لم يكن لدى المدينة أعداد كافية لتشكيل جيش جديد، علاوة على ذلك، لم يكن لديها أي شخص قادر على قيادتها ضد سكيبيو. انتحر صدربعل، والد سوفونيزبا.

عين المجلس هانو، أحد قدامى المحاربين في حملة حنبعل والذي كان قائدًا لسلاح الفرسان الثقيل في كاناي، في قيادة الدفاع. بالإضافة إلى ذلك، أرسل المجلس مبعوثين إلى ماجو في جبال الألب وإلى حنبعل يطالبهم بالعودة بجيوشهم إلى أفريقيا. ثم استبدل المجلس قائد الأسطول، بوملكار شديد الحذر، بقائد أكثر ملاءمة، يُدعى أيضًا صدربعل. تحت قيادة قائد جديد، أطلق الأسطول طلعة جوية ضد أوتيكا وعاد واستولى على 60 سفينة نقل رومانية. كانت هذه السفن الشراعية، التي أعيد تسليحها، بمثابة إضافة ممتازة للقافلة الكبيرة التي كانت ضرورية لإعادة حنبعل إلى وطنه عبر بحر مليء بسفن العدو.

على الساحل الليغوري، كان لدى ماجو المؤمن أسطوله الخاص وكان أيضًا ماهرًا جدًا في المناورات البحرية. في ميناء كروتوني الصغير، كان لدى حنبعل عدة سفن راسية. إلا أن قدمه لم تطأ سفينة طوال جيل كامل. وطالبت قرطاج حنبعل. ولم تتوقف الحشود المتحمسة عند بوابات بيرسا الثلاثة عن الصراخ باسمه.

لقد كان بالفعل يوليو (203 قبل الميلاد)، وكان الطقس مناسبا للذهاب إلى البحر.

ولا توجد كلمة في المصادر التاريخية حول هذه الأزمة. فشل. فجأة - مثل عندما يتوقف الفيلم أثناء عرض الجزء التالي. في يوليو، ينتظر حنبعل بروتيوس في الجبال. في أوائل الخريف أو أكتوبر، كان بالفعل في الخارج، في أفريقيا، مع جيشه بكامل طاقته. وقعت أحداث دونكيرك خلال فترة زمنية لا يوجد دليل مكتوب عليها. اختار المؤرخون اللاتينيون عدم شرح كيفية خروج حنبعل من إيطاليا.

وقد اهتم المؤرخون المعاصرون بهذا اللغز. ويخلص المرء إلى أنه من الصعب العثور على السفن في البحر. هذا صحيح. وحتى نيلسون لم يتمكن من رصد قافلة نابليون أثناء عبورها البحر الأبيض المتوسط ​​إلى نهر النيل. ومع ذلك، هذا لا يفسر كيف وصل حنبعل إلى البحر دون أن يتم اكتشافه. كان هناك جيشان رومانيان في المنطقة المجاورة مباشرة. لقد تمكنوا من هزيمة قواته أثناء صعودهم على متن السفن لتحقيق انتصاره الأول. وبالطبع، فإن جيشه، عند تحميله على سفن النقل، نجا من الأسطول القتالي، الذي كان من الممكن أن يضع حدًا لحنبعل مرة واحدة وإلى الأبد.

ويذهب مؤرخ آخر إلى أبعد من ذلك في تفسيره: بما أن مجلس الشيوخ الروماني كان في ذلك الوقت يتفاوض على هدنة (كما أصبح واضحًا الآن) مع المبعوثين القرطاجيين، وبما أنه وفقًا للقانون الروماني لم يكن من الضروري التفاوض أثناء وجود القوات المسلحة للعدو في إيطاليا. على الأرض، كان مجلس الشيوخ مهتمًا برحيل حنبعل وماجو من شبه الجزيرة. وهذا بالكاد ممكن. لم تمتد المفاوضات مع قرطاج إلى القوات القرطاجية في إيطاليا. ولم يحصل حنبعل على يوم راحة بعد عبوره ممر جبال الألب الثلجي. على أية حال، اعترض الأسطول الروماني واستولى على جزء من قافلة ماجو.

إن أبسط تفسير لهذا اللغز يمكن أن يكون واحدًا فقط. هرب حنبعل دون أن يلاحظه أحد، كما فعل سابقًا، حيث عبر نهر فولتورنو في كابوا.

يقف كروتون على مرأى من الجميع بالقرب من خليج ضحل على شكل هلال، ويقف في مكان مسطح مثل الطاولة. ولكن وراء هذا الميناء الصغير، تمتد تلال لاسيلا على مد البصر. سيطر القرطاجيون على هذه التلال، بينما احتل الرومان، الذين احتلوا كونسينتيا، المنحدرات الإضافية.

ومع اقتراب يوم المغادرة - عندما وصل صدربعل قائد الأسطول مع موكبه الكبير - ترك حنبعل للرجال الذين ما زالوا في خدمته الاختيار بين اتباعه أو البقاء في إيطاليا. وقرر معظمهم مرافقته. ولم يأخذ معه المجموعة الأضعف من الناس، مع العديد من النساء والأطفال، الذين أصبحوا جزءًا من جيشه في إيطاليا. (قصة أنه دمر بوحشية كل أولئك الذين رفضوا المغادرة في معبد جونو لاسينيا هي مجرد قصة دموية لللاتينيين). طالب حنبعل بالفعل بتدمير جميع الخيول العزيزة على قلبه، لأنه لا يمكن أخذها معها. له على السفن . كما أمر تلك القوات التي كان من المقرر أن تبقى في إيطاليا باحتلال المواقع القرطاجية على التلال بينما انطلقت الوحدات المتجهة إلى إفريقيا وأبحرت. لم يكن لدى القيادة الرومانية أي معلومات حول رحيله، وعلى ما يبدو، مر الكثير من الوقت قبل أن يقتنعوا بأن حنبعل قد ذهب بالفعل إلى البحر.

من أكثر الحقائق التي لا تصدق في سيرة حنبعل أنه وصل إلى إيطاليا بجيش يتكون من الإسبان والأفارقة، وتركها بشكل رئيسي مع البروتيين والإغريق والعديد من الفارين من الرومان. إذا نجت أي أفيال، فلن يتم أخذها معنا. لم يذكر هانيبال أبدًا اللحظة التي شاهد فيها جبال إيطاليا والبقعة البيضاء لمعبد جونو لاسينيا تختفي في الأفق. (وصفه وهو يصر بأسنانه غضبًا عند استدعائه إلى قرطاج، التي لم تدعمه في الحرب، هو ذكرى للمفهوم الخاطئ القديم لأولئك الذين اعتقدوا أن حنبعل كان يخطط للحرب. ولم تستطع قرطاج إجباره على ذلك). ليعود إلى أفريقيا رغماً عنه، واستعد لرحيله برعايته المعتادة، وبعد السهول الكبرى انتقل مركز الصراع إلى الساحل الأفريقي، وغادر حنبعل إيطاليا، كما فعل هاميلكار مع جبل إريك، دون أي احتجاج داخلي. )

تثبت طريقة مغادرته أن جيشه المتجه إلى إفريقيا لم يكن من الممكن أن يكون كبيرًا. وقدرت مصادر لاحقة عددها من 12000 إلى 15000 شخص، ولكن على الأرجح كان هناك أقل من 12000 في هذا الجيش. وتتكون القافلة من السفن الشراعية فقط. ولم تكن القوادس، بأسطحها الصغيرة وعددها الكبير من المجدفين، قادرة على حمل سوى عدد قليل من الركاب. بالإضافة إلى ذلك، بعد الاعتدال الخريفي، كان من الخطر على القوادس الهشة أن تسير في رحلات طويلة بسبب الرياح الباردة والعواصف. وقام حنبعل وقائد أسطوله برحلة طويلة من كروتوني.

أصبح من الواضح الآن تمامًا مكان وجود الأساطيل الرومانية وماذا كانوا يفعلون في ذلك الوقت. تمركز ما بين 140 و160 سفينة حربية في أوستيا وسردينيا وصقلية. رافق جزء كبير منهم قوافل جديدة إلى أفريقيا، لأنه خلال هذه الأشهر كان الشيء الرئيسي هو تقديم الطعام والتعزيزات إلى سكيبيو. ("كانت كل الأنظار موجهة نحو أفريقيا.") اعترضت إحدى المفارز السفن التي حاربت قافلة ماجو.

أصيب ماجو نفسه في المعركة الأخيرة على نهر بو عندما حاول سحب وحداته من المعركة أو القيام بمحاولة أخيرة لاقتحام حنبعل. مات ماجو في الطريق أو تحطمت سفينته أثناء عاصفة. أبحرت معظم سفنه، المليئة بالبليار والليغوريين والغاليين، في النهاية إلى قرطاج.

كانت الأساطيل الرومانية الموجودة خارج صقلية تقع بين كروتون وقرطاج. لقد شاهدوا اقتراب قافلة حنبعل ولكن دون جدوى.

قام حنبعل وقائد أسطوله بعمل دائرة كبيرة حول صقلية. ربما تم رصدهم من نقطة حراسة في مالطا. ومع ذلك، بحلول ذلك الوقت لم يعد لدى الأسطول الصقلي الوقت لاعتراضهم. ولم يتجهوا نحو قرطاج. واقتربوا من الشرق، وهبطوا على الساحل الشرقي فيما يعرف الآن بتونس، على بعد أكثر من 80 ميلاً جنوب جبل قرطاج المقدس. وجد حنبعل نفسه على الأرض في هذا الموقع غير المتوقع، وسرعان ما نقل جيشه شمالًا إلى حضرموت، وهو ميناء ومدينة كبيرة إلى حد ما خارج منطقة الدوريات الرومانية.

وبعد أربعة وثلاثين عاما، وقف حنبعل على الأراضي الأفريقية مرة أخرى. وكان شقيقيه ميتين. وتركزت عليه كل اهتمامات روما، مما أثار حيرة في حركته الناجحة من قارة إلى قارة. تقول ليفي: "يتزايد الأمل والقلق كل يوم". - لم يكن بمقدور الناس أن يقرروا ما إذا كانوا سيفرحون بمغادرة حنبعل إيطاليا بعد ستة عشر عامًا، أو ينزعجون لأنه وصل إلى إفريقيا بجيشه سليمًا. غالبًا ما قال كوينتوس فابيوس [الأبطأ]، الذي توفي قبل فترة وجيزة، إن حنبعل سيصبح منافسًا أكثر جدية في أرضه منه في دولة أجنبية. ولم يرغب سكيبيو في التعامل مع سيفاكس، ملك بلد البرابرة الفظين، أو مع صدربعل، القائد الذي يمكن أن يهرب بسرعة، أو مع القوات غير النظامية، التي كانت عبارة عن مجموعة من القرويين. يمكن القول أن حنبعل ولد في مقر والده، أشجع الجنرالات. لقد ترك دليلا على أعماله العظيمة في إسبانيا، وفي أرض الغال، وفي إيطاليا؛ من جبال الألب إلى مضيق ميسينا. لقد عانى جيشه من مصاعب غير إنسانية. العديد من جنوده، الذين استطاعوا مقاومة سكيبيو في المعركة، قتلوا البريتور الرومان بأيديهم وساروا عبر المدن والمعسكرات الرومانية التي تم الاستيلاء عليها. لم يكن لدى جميع القضاة الرومان في ذلك الوقت هذا العدد من صفات القوة التي يمكنهم تحملها أمام حنبعل والتي كانت مأخوذة من القادة العسكريين الذين سقطوا في المعركة.

أعلن مجلس الشيوخ المنزعج عن أربعة أيام من الألعاب في ساحة السيرك لإرضاء الآلهة، بينما أقام في نفس الوقت وليمة على شرف كوكب المشتري في معبد الكابيتولين.

أشكال المستقبل

إذا كان مجلس الشيوخ قد انزعج، فمن المحتمل أن يكون سكيبيو قد أصيب بالذهول. لقد توقع (واستعد) لوصول حنبعل إلى أفريقيا. ومع ذلك، لم يستطع أن يتوقع أن "ساحر كاناي" سوف يتملص من الجيوش الرومانية ويشق طريقه عبر حصار الأسطول "وجيشه سليم". ولم يكن يتوقع أن يتم نقل جيش قرطاجي آخر من ذوي الخبرة العالية بسرعة البرق من ضفاف نهر بو إلى ضفاف باجرادا.

في ذلك الخريف، في المواقع التي غزاها سكيبيو، واصلت أوتيكا إظهار تحديها. كما فشل في احتلال بنزرت (ثم هيبو دياريت) على الشاطئ الغربي للخليج. استمر في الاعتماد على ميناء كاسترا كورنيليا لتزويده بالإمدادات. حشدت قرطاج المنيعة كل مواردها. بقي ليليوس، اليد اليمنى لسكيبيو، في روما بعد تسليم صيفاقس هناك. كان ماسينيسا المستعصي في الغرب يحاول بأي ثمن تجديد صفوف سلاح الفرسان والحصول على جميع أراضي ماسيليان لنفسه.

وبدا أن كل الشرور التي تنبأ بها الراحل فابيوس في أفريقيا، أو كلها تقريباً، بدأت تتحقق. هل سيكون ماسينيسا قادرًا أو راغبًا في الانضمام إلى سكيبيو في الوقت المناسب؟ هل يمكن نقل ما يكفي من الرجال المسلحين الذين تم إطلاق سراحهم في إيطاليا جنوبًا إلى إفريقيا للتعويض عن وصول حنبعل؟ فهل سيتم إرسال هذه القوات في الوقت المناسب؟

وقبل أن يحدث أي شيء، حل الشتاء، منهيًا خط النقل الرئيسي عن طريق البحر. كما هو الحال في كاسترا كورنيليا قبل عام، وجد سكيبيو نفسه معزولًا على حافة الساحل الأفريقي، مع الفارق أن حنبعل كان الآن على هذه الحافة معه.

عندما واجه بوبليوس كورنيليوس سكيبيو هذه الأزمة، توقف عن أن يكون مجرد قائد إقليمي لامع لروما وأصبح أحد رجال التاريخ البارزين. لقد دفع مقابل أفعاله ثمن الحياة السياسية التي كان يرغب فيها، وتسبب في حسد وكراهية رجل يدعى كاتو. وجد نفسه في مواجهة فرصة هائلة وخطر كبير في نفس الوقت، ولم يفكر سكيبيو في الأمر أكثر من ذلك.

وبالحظ، أو بفضل البصيرة التي تجلب الحظ السعيد، عقد سكيبيو هدنة مع مجلس قرطاجة. وفي نهاية الصيف الماضي، احتاج إلى وقت لإعادة تنظيم قواته، بينما احتاج رجال بيرسا إلى وقت لإعادة حنبعل إلى وطنه بعد الهزائم في السهول الكبرى. لذلك، ليس من المستغرب أن يعقدوا هدنة في أفريقيا (لم ينجح هذا في إيطاليا)، لكنه حدث بطريقة مذهلة. التقى سكيبيو بالمبعوثين الملتحين من المجلس القرطاجي، وبعد الاستماع إليهم، اقترح شروطه لاتفاقية سلام. لم يكن هذا أمرًا غير عادي، واستخدم الجانبان حيلًا مختلفة، كما فعل سكيبيو قبل حرق المعسكرات القرطاجية، لكسب الوقت. ومع ذلك، فقد توصل سكيبيو ببراعة إلى فكرة تقديم شروط حقيقية كشروط خادعة، والتي أراد بمساعدتها إنهاء الحرب.

وكانت هذه الشروط:

إعادة جميع السجناء والهاربين والفارين إلى روما.

انسحاب الجيوش القرطاجية من إيطاليا.

نقل سردينيا وكورسيكا إلى صقلية من قبل قرطاج وإنهاء التدخل في شؤون إسبانيا (مقاطعة سكيبيو السابقة). تخفيض عدد القوادس الحربية إلى 20. دفع 5.000 تالنت من الفضة كتعويض (حوالي 4.000.000 دولار نقدًا أو سبائك، والتي كانت قيمتها أكبر بكثير مما هي عليه الآن).

بالإضافة إلى ذلك، تمت مناقشة قضايا إمداد الجيوش الرومانية في أفريقيا بالمؤن خلال الهدنة والقضايا المتعلقة بالاعتراف بماسينيسا ملكًا في بلاده.

الآن، مع الأخذ في الاعتبار موقفه (دون استشارة مجلس الشيوخ)، بدا أن سكيبيو يفكر في كل تعقيدات الصراع طويل الأمد. وسلط الضوء على حقائق السنوات القادمة - أنه لا ينبغي تدمير قرطاج، ويجب أن تصبح روما حاكمة البحار. علاوة على ذلك، فقد أدرك أن الأمر سيستغرق أجيالًا حتى تتمكن إسبانيا من الوصول إلى أي نوع من النظام، وهو ما كان ينوي القيام به. ربما كان يفكر في عودته إلى إسبانيا. بالطبع، لم يكن يريد أن يطالب باستسلام حنبعل، الذي كان من الممكن أن يكون غير ضار في أفريقيا بدون أسطول قتالي وبدون إسبانيا. ومن ثم يمكن للقارتين المنفصلتين أن تظلا في سلام.

نظرًا لعلمه بالطبيعة الجدلية لمسؤولي الحكومة القرطاجيين، منحهم سكيبيو ثلاثة أيام فقط إما لتأكيد الهدنة ونقل شروطها إلى روما أم لا. وقبل المجلس الشروط، تحت تأثير مجموعة معارضة لآل باركيد، وتأمل كسب الوقت من خلال المفاوضات. ومن الطبيعي أن يثير ظهور شروط سكيبيو ومبعوثي قرطاجة في روما مفاجأة الشيوخ في مجلس الشيوخ، الذين لم يستطيعوا فهم ما حل بقائدهم وسط حملة ناجحة. مثل جميع أعضاء مجلس الشيوخ في كل مكان وفي جميع الأوقات، كان الشيوخ غاضبين من الشروط التي لم يناقشوها في البداية. ألقى المتحدثون خطابات نيابة عن مجموعات مختلفة: من العاملين في مجال النقل، ومن ملاك الأراضي، ومن آل كلاودي ضد آل سكيبيوس. أصبح هذا النقاش أكثر سخونة بعد الوصول غير المتوقع لمبعوثين من قرطاج. وصحيح أن بعضهم أكد أن حنبعل مذنب بأفعال لم يوافقوا عليها. وافق الرومان تمامًا على هذا. لكن الأغلبية حاولت إحياء المعاهدة القديمة التي كانت تربط قرطاج بروما قبل بدء الحرب. كما لو كنا نتحدث عنه الآن! توصل أعضاء مجلس الشيوخ الروماني، الذين كانت لديهم خلافات عميقة فيما بينهم، إلى الوحدة الكاملة بشأن المعاهدة القديمة. لا ينبغي أن يكون قد تمت مناقشته أكثر من ذلك. كما أقروا بضرورة منحهم ضمانات أكبر. ربما شك البعض منهم في أن هذه المصطلحات كانت خدعة، ولكن من جانب من ولأي غرض؟ وكما قال لهم فابيوس عندما صوتوا لبدء الأعمال العدائية، فإن الأمور في مجلس الشيوخ مختلفة تماما عن تلك الموجودة في ساحة المعركة.

ثم جاءت الأخبار من ساحات القتال عن اختفاء حنبعل وماجو مع قواتهم من إيطاليا.

أثار هذا على الفور الشكوك وبدأ النقاش مرة أخرى. علاوة على ذلك، استدعى مجلس الشيوخ بشكل قاطع ليليوس، الذي كان في طريقه إلى قائده. وطرح عليه السؤال: ماذا يقصد بوبليوس كورنيليوس بهذه المفاوضات؟ ربما كان يريد بقاء هانيبال في أفريقيا، وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا؟

وقدم ليليوس المحنك إجابة رائعة: "لم يتوقع بوبليوس كورنيليوس رحيل حنبعل قبل توقيع السلام". وربما أقنع أعضاء مجلس الشيوخ المرتبكين بالثقة بقائدهم وإرسال تعزيزات إليه على الفور. وسواء وقع مجلس الشيوخ على شروط السلام أم لا، فهي نقطة خلافية، ولا يهم. في النهاية، اتفق أعضاء مجلس الشيوخ مع ليليوس لأنهم تركوا القرار للمجلس الشعبي، الذي طالب بالدعم الكامل لسكيبيو بجميع السفن وأكياس الحبوب والرجال المسلحين المتاحة في إيطاليا.

لكن سكيبيو صنع لنفسه أعداء جدد في المنتدى. حصل فصيل كلوديان على مناصب رئيسية خلال الانتخابات الجديدة بعد تعيين دكتاتور مؤقت لتعيين قناصل جدد. اندلعت العواصف الشتوية في البحر. أخيرًا، غادرت قافلة مكونة من 120 سفينة نقل و20 سفينة مرافقة سردينيا تحت قيادة البريتور لينتولوس وتوجهت إلى كاسترا كورنيليا. وكان يجري إعداد قافلة أخرى بقيادة كلوديوس نيرو، الذي توجه إلى نهر ميتوروس. لكن أكبر قافلة، تتكون من 200 سفينة و 30 سفينة، تجاوزتها عاصفة قبالة سواحل صقلية، وتم إلقاء معظم سفن الشحن على الشاطئ بالقرب من قرطاج. تمكنت القوادس الرومانية من إنقاذ أطقمها، لكن السفن المحملة بالطعام وآليات القتال اهتزت في الأمواج تحت قمتي الجبل المقدس.

كان مشهدهم لا يطاق بالنسبة لسكان قرطاج الجائعين، الذين حاصروا أبواب المجلس حتى تم إرسال السفن، برفقة القوادس الحربية، عبر الخليج للاستيلاء على المؤن، كما لو أن ملكارت غير المرئي أرسلها إليهم. في الواقع، انتعش جميع القرطاجيين بمجرد أن علموا بهبوط حنبعل.

في كاسترا كورنيليا، بذل سكيبيو قصارى جهده لتمديد وقف الأعمال العدائية لبضعة أيام على الأقل. (كانت قافلة نيرون تقترب). لقد أظهر ضبط النفس بإرسال مبعوثين إلى قرطاج للاحتجاج على الاستيلاء على السفن والمطالبة بإعادة الطعام الذي يحتاجه هو نفسه. واصطدم سفراؤه بمظاهرة صاخبة هتفت باسم حنبعل. قلقًا، أرسل أعضاء المجلس مبعوثين سرًا إلى خماسيهم، وأخرجه الأسطول القرطاجي من الميناء. وبعد عودة المرافق تدخل القدر مرة أخرى. لاحظت ثلاث سفن ثلاثية المجاديف من تشكيل سفن صدربعل السفينة الرومانية وهاجمتها رغم الهدنة. وصدت السفينة الكبيرة الهجوم وهربت بالاقتراب من الموقع الروماني.

تصرف سكيبيو كما لو أن الهدنة استمرت - فقد أرسل توصية عاجلة إلى روما لحماية القرطاجيين هناك من هجمات الحشد. مع بداية الربيع، كان الطقس المناسب للملاحة ووصول نيرو مع فيلق جديد قاب قوسين أو أدنى. كان ماسينيسا لا يزال بعيدًا إلى الغرب، حيث سيطر على المزيد والمزيد من المدن في إقليم صيفاقس. جلب السعاة من كيرتا شائعات مشؤومة مفادها أن أبناء صيفاقس كانوا يجمعون سلاح الفرسان للانضمام إلى حنبعل. في مكان ما في أعماق القارة، وفقا لسكيبيو، كانت الجيوش القرطاجية متحدة - بقايا جيش ماجو مع مجندي هانو من قرطاج وقدامى المحاربين في حنبعل.

مما لا شك فيه، كما خلص سكيبيو، أن حنبعل لن يضيع أي وقت في البدء في تشكيل جيش جديد من هذه الوحدات.

في أحد أيام الربيع المبكرة (التاريخ الدقيق غير معروف)، قرر سكيبيو عدم الانتظار لفترة أطول. لقد هاجم مركز التعبئة القرطاجي في السهول الكبرى في أوائل العام السابق ويبدو أنه كان يخشى منح حنبعل المزيد من الوقت لتنظيم جيش. مهما كانت أسبابه، فقد سحب جميع القوات الموثوقة من خطوط أوتيكا وسار نحو نهر باجرادا، مبتعدًا عن قاعدته ودعمه البحري. لقد ذهب بدون أفضل جزء من سلاح الفرسان - النوميديين. كان يرسل كل يوم رسلًا على ظهور الخيل إلى الغرب يطالبون ماسينيسا بالظهور. وتقدم نحو الجنوب الغربي، متتبعًا النهر قدر استطاعته، وأحرق القرى، ودمر المحاصيل، وطرد طوابير من الأسرى المقيدين بالحبال بعيدًا عن الأراضي القرطاجية التي كانت مزدهرة ذات يوم.

أجبر هذا الدمار سكان القرى الواقعة على طول النهر على إرسال رسل بشكل عاجل إلى معسكر حنبعل الشتوي في حضرموت لمطالبة راعيهم بحمايتهم بسرعة.

كما سارع إليه مجلس قرطاج لمعارضة سكيبيو.

أجاب حنبعل المبعوثين:

أنا أعرف أفضل منك ما يجب القيام به.

لكنهم تركوه بعد أن علموا بمسيرة سكيبيو وأن الرومان لم يكن لديهم بعد سلاح فرسان نوميديين. على ما يبدو، لم يكن هانيبال مستعدا للتحرك بعد. ومع ذلك، فقد فعل ذلك على الفور.

تم حل المعسكر الضخم. وتدفق المسلحون من الأكواخ على الساحل. وصل الليغوريون والإغريق والباليريون والبروتيون والقرطاجيون في أعمدة طويلة على عجل إلى الغرب من تحت غطاء التلال الساحلية إلى السهول. قاد هانو المسن سلاح الفرسان المجند حديثًا. اتبعت مفرزة قوامها 2000 نوميدي أحد الحكام الموالين لصيفاقس. تجول 80 فيلًا على طول الطريق.

كانت الحمولة خفيفة، فتحرك حنبعل بسرعة عالية لاعتراض سكيبيو ومفاجأته قبل أن ينضم إليه ماسينيسا. وجاء معه 37000 شخص لم يتم دمجهم بعد في الجيش.

ومن المفارقات أن حنبعل كان يقترب من بلد لم يراه إلا عندما كان طفلاً في التاسعة من عمره، بينما كان الرومان يتحركون عبر منطقة كانت مألوفة لهم بالفعل.

معركة زاما

دعونا نتوقف لحظة لننظر إلى هذين الخصمين، حيث أن التاريخ لا يعرف زوجًا آخر من الأشخاص الذين يتعارضون مع بعضهم البعض. هانيبال هو استراتيجي. إنه الأكثر خطورة في الملعب الذي يختاره، حيث يستفيد على الفور من جميع مزايا التضاريس. فهو يعرف، مثل أي شخص آخر، كيف يوجه أفضل قواته الضاربة إلى منطقة ضعيفة تحت تصرف العدو. من المستحيل توقع أين يمكن أن يحدث هذا إذا كان لدى حنبعل القدرة على اختيار ساحة المعركة. حتى الآن، كانت الضربة الساحقة تأتي عادة من سلاح الفرسان الإسباني الأفريقي، لكنهم لم يعودوا معه.

كما يتميز سكيبيو بدقة التحضير رغم جرأته في تصرفاته. ويعتمد على تكتيك واحد، وهو الهجوم في خطوط متقاربة لتشكيل جحافله، التي يتحرك بها بمهارة مذهلة عندما تبدأ المعركة. إنه يثق تمامًا في جنوده المنضبطين، وهم يثقون به. قد يكون أو لا يكون لديه سلاح فرسان أقوى من عدوه.

يدرك كل من هانيبال وسكيبيو، على عكس معظم القادة الآخرين، أن الحرب لها هدف واحد فقط - إقامة السلام الحقيقي.

وكان السهل الجنوبي لا يزال أخضر اللون من أمطار الشتاء. ربما تلقى سكيبيو التحذير الأول من اقتراب حنبعل من الجواسيس القرطاجيين. تم القبض عليهم في المعسكر الروماني بالقرب من قرية ناراجارا. ويقال أنه بعد استجواب القرطاجيين المتنكرين، أمر سكيبيو بإرشادهم عبر المعسكر بأكمله حتى يتمكنوا من رؤية كل ما يريدون، أو ما يريدهم أن يرونه. ثم أطلق سراحهم بشكل غير متوقع حتى يتمكنوا من العودة إلى المعسكر القرطاجي الواقع بالقرب من قرية زاما.

وعندما علم سكيبيو أنه قد تم رصد حنبعل أثناء المسيرة، قاد طوابيره شرقًا. وسار نحو عدوه حتى عبر نهراً صغيراً لم يجف بعد من حرارة الصيف. (لم يتم تحديد الموقع الدقيق أبدًا). ​​وهنا، ولدهشته، التقى بمبعوث حنبعل، الذي قال إن حنبعل يريد التفاوض معه شخصيًا على هدنة.

الآن لم يكن سكيبيو يعرف أين ينتظر الجيش القرطاجي. قرر، على ما يبدو، أن حنبعل لم يعد يأمل في مفاجأة عموده في المسيرة، كما حدث في بحيرة تراسيميني. ومع ذلك، كان الرومان يسيرون على بعد ستة أيام من قاعدتهم. لم تكن هناك تلال يمكن رؤيتها في أي مكان للاختباء خلفها. وبدون دعم من سلاح الفرسان القوي، كان من الممكن أن تواجه جحافله وقتًا عصيبًا في السهول التي قادهم إليها.

بينما كان سكيبيو يفكر، لاحظ مشهدًا رائعًا. من الغرب، كان ماسينيسا يقترب على ظهور الخيل، متلألئًا بشارات جديدة، وخلفه سحابة من الفرسان يحتلون السهل بأكمله. كان عددهم 6000، يليهم 4000 من المشاة، وهو ما لم يعد مهمًا كثيرًا. تمكن سكيبيو بصعوبة من التواصل مع ماسينيسا قبل أن يتم لقائه مع حنبعل. أصبح لديه الآن سلاح فرسان أقوى من عدوه.

ونتيجة لذلك، أطلق سراح المبعوث القرطاجي، مجيبًا أنه سيلتقي بحنبعل.

يمكن مغادرة المعسكر بأمان تحت إشراف ليليوس وماسينيسا.

تم وصف اجتماعهم من قبل بوليبيوس، الذي خدم عائلة سكيبيو بعد جيلين. من المعسكر القرطاجي، الذي كان يقع في أرض منخفضة على الجانب الآخر من الوادي، انطلق حنبعل على ظهور الخيل برفقة حراسة من الخيول. وترك المرافق خلفه، وترجّل واقترب برفقة مترجم. ومن جانبه، فعل سكيبيو الشيء نفسه، حيث استعان أيضًا بمترجم فوري. على الرغم من أن كلاهما كانا يتحدثان اليونانية بطلاقة وكان هانيبال يفهم اللاتينية، إلا أنهما استغلا الفرصة لإتاحة الوقت للتفكير بينما كرر المترجمون الفوريون كلماتهم، بالإضافة إلى ذلك، حصلوا على شهود في حالة حدوث ذلك.

التقيا في صمت. كان حنبعل أكبر سناً وأطول. كان وجهه المتجعد والمسمر ملفوفًا بحجاب يغطي شعره الرمادي. أدار رأسه قليلاً حتى يتمكن من الرؤية بعينه السليمة. وقف سكيبيو حافي الرأس ممسكًا بخوذته في يده. لقد كان متوتراً بشكل خفي. وجهه الوسيم لم يعبر عن أي شيء. وبصرف النظر عن الصليب الموجود على خوذته والمرصعة بالذهب على درعه، لم يكن يرتدي أي شارة ولم يكن برفقته محاضرون.

وبعد توقف طويل، تحدث حنبعل وانتظر الترجمة.

لقد حققت النجاح أيها القنصل الروماني. علاوة على ذلك، ابتسم لك الحظ.

انتظر سكيبيو.

وتابع هانيبال: "هل كنت تعتقد حقًا أن روما يمكنها تحقيق شيء ما من خلال الحرب؟" وهذا هو، أكثر مما لديك حاليا؟ هل اعتقدت أنك إذا هُزمت هنا ستخسر جيشك؟ - انه يعتقد للحظة واحدة. "لن أقترح صنع السلام إذا لم أكن أعتقد أنه سيفيد كلا منا."

انتظر سكيبيو. وكان من الواضح أن حنبعل سمع عن شروط وقف الأعمال العدائية. عندما تحدث سكيبيو، سأل عن شروط روما التي لم يوافق عليها حنبعل.

رد حنبعل بأنه لا يوافق على أن تتخلى قرطاج عن جميع الجزر، بما في ذلك الجزر الصغيرة الواقعة بين إيطاليا وإفريقيا (مثل مجموعة الجزر المالطية) وإسبانيا. ولم يذكر السفن الحربية المستسلمة، لكنه لم يكن ليسلم العبيد الهاربين أو الفارين من الجيش القرطاجي. (بموجب القانون الروماني، كان هذا يشمل معظم قدامى المحاربين القادمين من إيطاليا).

ردًا على ذلك، أوضح سكيبيو أنه لا يستطيع التنازل لقرطاجة أكثر مما وافقت عليه حكومته عندما وقعت الشروط في روما. (سواء كانت موقعة أم لا، كانت هذه هي الشروط التي اقترحها سكيبيو).

في هذه المرحلة، استقبل كل منهما الآخر وافترقا. لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق بينهما حتى عرض حنبعل أكثر من شروط الاستسلام التي اقترحها سكيبيو. وبدلا من ذلك، عرض أقل. كل ما كان يعتمد عليهما بالتساوي هو ما إذا كانت هناك محاولة لتدمير القوات المسلحة لبعضهما البعض.

في تلك الليلة بدا أن سكيبيو في حالة معنوية عالية. وفي اجتماع اللحظة الأخيرة للقادة العسكريين، لم يكن بوسعه سوى تحذير ماسينيسا المذعور بشأن مهمة سلاح الفرسان النوميدي، والتي كان من المفترض أن تعمل كوحدة واحدة على جانب واحد. وهذا في حد ذاته جعل مهمة سكيبيو أسهل، لأنه تم نقل جميع الفرسان الآخرين الآن إلى ليليوس في الطرف المقابل من الخط الروماني. تساءل سكيبيو عن عدد الأفيال التي شوهدت في المعسكر القرطاجي. وفي جميع النواحي الأخرى، كانت خططه مدروسة جيدًا. وكان قادة الجحافل على علم بهم. خاطب سكيبيو القادة العسكريين:

أخبر الناس أن معاناتهم ستنتهي قريبًا. وبعد غد سيحصلون على الجوائز الأفريقية. وبعد ذلك سيتمكنون من العودة إلى ديارهم، كل منهم إلى مدينته.

في المعسكر القرطاجي، يقال إن حنبعل كان يتنقل من فرقة إلى أخرى، ويتحدث مع أشخاص يعرفهم من إيطاليا ومع الوافدين الجدد من قرطاج. وأصدر تعليماته بهدوء للقادة العسكريين. ربما كان هانو وحده، وهو من قدامى المحاربين في حملة جبال الألب، هو الذي فهم بوضوح ما تعنيه هذه التعليمات. وكان آخرون راضين بالطاعة الصارمة، واثقين من خبرة حنبعل الواسعة. أخبرهم أن عدد القرطاجيين التابعين له كان يفوق عدد الرومان المسلحين لمدة ستة عشر عامًا وأنه لا توجد حواجز ولا عقبات مخفية في وادي زاما هذا لا يمكنهم التغلب عليها.

لم يكن لدى الناس هناك الوقت الكافي لبناء جدران واقية ولم يتمكنوا من إحضار آليات القتال الخاصة بهم. هل رأى أحد منجنيق بين نسورهم الفضية؟

لقد بدا مبتهجًا، وهذا أعطى الأمل لقادته.

ولم ينم حنبعل تلك الليلة لأن المرحلة الأولى من هجومه بدأت في الساعات الأخيرة من الليل. لم تكن هناك مياه تقريبًا في المخيم، حيث كان أقرب نهر يتدفق عبر السهل خلف المواقع الرومانية. لو كان هذا هو جيشه "الإيطالي" القديم، لكان من الممكن أن يخرجه حنبعل تحت جنح الظلام دون أن يتم اكتشافه. لم يتمكن من التراجع عبر السهل المفتوح بجيشه المتنوع، في مواجهة القوات النوميدية، ولا محاولة الاحتفاظ بهذا الموقع في غياب إمدادات ثابتة من المياه. لقد استغرق الأمر وقتًا طويلاً لتحريك هذا العدد الكبير من الأفيال في مثل هذه الساعة المبكرة، عندما كان الضوء بالكاد يلوح في الأفق. لم ترغب الأفيال في التحرك في الظلام. ومن موقعه المتميز على التل، شاهدهم حنبعل وهم يغادرون. وخلفهم جاء رجال ماجو، والليغوريون الصامتون، والغاليون المتذمرون، بالإضافة إلى المغاربة المتوحشين وعدد قليل من الإسبان. قام حنبعل بتجهيز هذه القوات الخفيفة بأسلحة ثقيلة ودربهم على التحرك وهم يسيرون الآن كتفًا إلى كتف. لقد كانوا محاربين ماهرين.

فقط الرسل الذين كانوا مع حنبعل على التل رأوا ما كان يحدث في هذا الشفق. لم تشكل قواته تشكيل المعركة الطويلة المعتادة. تقدمت العناصر الثلاثة - قوات ماجو، والمجندون القرطاجيون وقدامى المحاربين في حنبعل - بشكل منفصل، في ثلاث موجات. وبهذه الطريقة، يمكن لثلاثة جيوش صغيرة أن تعمل بشكل منفصل تحت قيادة قادتها. وقبل الجميع كانت الفيلة الجبارة. صمد حنبعل أمام الفرقة الأخيرة، جيشه البروتي. أراد أن ينضم إليها بنفسه ويأمرها شخصيًا. لقد اعتمد على هؤلاء المحاربين القدامى، وخطط لحفظهم لاستخدامهم لاحقًا في المعركة عندما فشلت جميع التشكيلات الأخرى. لن يتمكن الرومان من اكتشافهم في البداية، ليس في الضوء الشبحي في الصباح الباكر.

كان هذا هو أمل حنبعل الوحيد.

وهكذا حدث أن وقعت ثلاث معارك مختلفة في ميدان زاما بدلاً من معركة واحدة.

عندما انطلق حنبعل، كانت المجموعة الرومانية تتحرك نحوه ببطء، مثل آلية واحدة مزيتة جيدًا، مع لافتات والعديد من سلاح الفرسان يسيرون على طول الحواف. تقدم خط المشاة في صفوفه الثلاثة المعتادة: الرتبة الأمامية وحاملي الرماح والترياري الداعمين لهم. لكن معظم المناورات كانت بها ممرات مفتوحة غير عادية فيما بينها - فجوات لا يغطيها إلا رماة الرمح الأذكياء.

وتجمعت الجماهير المسلحة في وسط الميدان، حيث دخل حنبعل وسكيبيو في المفاوضات.

وفجأة انطلقت كل الأبواق والأبواق الرومانية في نفس الوقت. وهذا أخاف الأفيال أمام التشكيل القرطاجي.

ومن ثم اتضح الغرض من الفجوات الغريبة في وسط المباني الرومانية. اندفعت الأفيال في جنونها نحوهم حيث قوبلت بوابل من المقذوفات. عادت الحيوانات الضخمة إلى الوراء أو اندفعت للأمام عبر الصفوف. حاول أولئك الذين كانوا على الحواف التوجه نحو سلاح الفرسان القرطاجي. وفي غضون دقائق، أصبحت الأفيال خارجة عن السيطرة وعديمة الفائدة، مما تسبب في الارتباك فقط. في تلك اللحظة، أرسل سكيبيو فرسانه الذين احتلوا الأجنحة.

كان عدد سلاح الفرسان القرطاجي قليلًا جدًا بحيث لم يتمكن من السيطرة على قوات ليليوس وماسينيسا ذات الخبرة. اندفع كلا الجناحين الرومانيين إلى الأمام، وسرعان ما تم هزيمة سلاح الفرسان القرطاجي، وتناثر الفرسان في جميع أنحاء الميدان، واختفى المطاردون والمطاردون عن الأنظار.

كان الليغوريون والغاليون قد دخلوا بالفعل في معركة مع التشكيل الروماني الرئيسي، "لقياس القوة في قتال واحد"، كما تنبأ حنبعل. قاتل رجال ماجو بشراسة لدرجة أن التقدم الروماني توقف. اندفع الترياري إلى الفجوات، واختفى وسط الجماهير المتحركة، وتقدم الرومان للأمام مرة أخرى. لكن الموجة الثانية من القرطاجيين لم تأت لمساعدة الليغوريين والغاليين المنهكين. أمر حنبعل تشكيلاته بالبقاء متباعدة. وعندما بدأ الناجون من الموجة الأولى في التراجع، قوبلوا بالأسلحة القرطاجية الموجهة نحوهم. هاجمت مجموعات مجنونة من الليغوريين والإغريق القرطاجيين بشراسة ودمرتهم.

تحرك النظام الروماني نحو هذا الجيش الثاني لحنبعل، العديد من القرطاجيين. تم سحق هؤلاء المجندين من قرطاج نفسها، بقيادة هانو العجوز، على يد رجال ماجو المنسحبين. سحق الخط الأمامي الروماني جميع رماة الرمح. واختبأ جنود الفيلق خلف دروعهم وأمطروهم بضربات سيوفهم. وزاد ضغطهم عندما دخل الرماح من الصف الثاني المعركة. قاتل القرطاجيون بشدة، وصدوا الجحافل ذات الخبرة. كان الوقت متأخرًا بالفعل في الصباح عندما انسحب القرطاجيون وانتقلوا إلى الجانبين. لقد تركوا ساحة المعركة مليئة بالجرحى والقتلى.

خلف الموتى وقف الصف الأخير من حنبعل، قدامى المحاربين في إيطاليا.

لم تمس صفوفهم المظلمة، في انتظار. أبقى حنبعل قوته الضاربة العظيمة متباعدة في هذه الساعات المبكرة. واجه جنود الفيلق الضعفاء وجهاً لوجه مع المحاربين القدامى الذين هزموهم حتى تلك اللحظة.

لم يستطع سكيبيو التراجع. وجاءت أصوات الأبواق من أقاصي الجحافل. انطلق المندوبون نحو المدرجات بجرأة متهورة، وغطت صرخات قادة المئة على آهات الجرحى. وصلت الأوامر إلى الرجال في الرتب: استريحوا، واستردوا أسلحتكم، واحملوا جرحى الروم، وطهروا ساحة المعركة، ولا تتركوا الرايات. ولم يرفع سكيبيو عينيه عن الجيش "الإيطالي" الذي كان على مسافة ثلاثمائة خطوة. على جانبي هذا الجيش، تم جمع الهاربين من المعارك السابقة ليأخذوا الأماكن التي أخلاها سلاح الفرسان القرطاجي. في عملية إعادة التجميع السريعة هذه، أحس سكيبيو بأن حنبعل يتحرك. لم يكن هناك حتى الآن أي علامة على عودة سلاح الفرسان الروماني إلى ساحة المعركة.

انتظر سكيبيو حتى استعاد فيلقه ريحهم الثانية وأسلحتهم وحصلوا على الماء. ثم أعطى الأمر مرة أخرى. أعيد تنظيم ثلاثة أسطر من الجحافل: تحرك حاملو الرماح الذين دعموا خط المواجهة المتضرر إلى أحد الجانبين، وتحرك الترياري إلى الجانب الآخر. امتد الخط الروماني، متجاوزًا تشكيل معركة حنبعل. بعد ذلك تقدم للأمام مرة أخرى.

هاجم سكيبيو بشجاعة جيش حنبعل الجديد، وألقى فيه قوات متساوية من محاربيه المتعبين، ويقفون في خط رفيع طويل يتقارب على الأجنحة الضعيفة للعدو. وبذلك اختبر ثبات رجاله وسعة الحيلة لدى ليليوس وماسينيسا.

وهكذا بدأت المعركة النهائية. لن يُعرف أبدًا ما حدث عندما التقى البروتيون التابعون لحنبعل بجيوشه، لأن سلاح الفرسان الروماني عاد. طاعة لأوامر ليليوس وماسينيسا، اقتربت من الجزء الخلفي من قدامى المحاربين في حنبعل. قاوم البروتيون بشجاعة الهجوم المتبادل للمشاة الرومان على الأجنحة. الآن كان على صفوفهم الخلفية أن تستدير لمقابلة سلاح الفرسان الدوس. لقد قاتلوا بصمت، دون انحناء. ولم يعد هناك أي أمل. لم يكن هناك سلاح فرسان قرطاجي يمكنه التعامل مع الرومان. احتفل سكيبيو بانتصار ينافس انتصار كاناي.

لم يتمكن المحاربون القدامى المحاصرون من الهروب من سلاح الفرسان. فقاتلوا حتى مات أكثرهم.

عندما تشكل الممر، هرع حنبعل والعديد من الفرسان بعيدا. ولم يذهبوا إلى المعسكر القرطاجي شبه المهجور. ولم تبق تشكيلات تذكر للدفاع عنهم لأن حنبعل قد ألقى بكل قواته إلى المعركة في الوادي. (سيقول سكيبيو لاحقًا أن حنبعل فعل كل ما هو ممكن إنسانيًا في معركة زاما).

ركب حنبعل دون توقف شرقاً إلى حضرموت التي كانت تبعد 90 ميلاً. وكانت سفن النقل المحملة بالمؤن وحامية صغيرة تنتظر هناك. ومن خلال هروبه، أنقذ مدينته من الإذلال في حالة القبض عليه. ولم تكن لديه أوهام بشأن مواصلة الحرب. وفي الساعات الأولى من اليوم الذي وقعت فيه معركة زاما، فقد الجيش الذي كان يقوده لمدة ستة عشر عامًا. إن محاولة الدفاع عن المدينة نفسها بدون جيش لا يمكن إلا أن تسبب حصارًا قد ينتهي بالمجاعة.

ومن حضرموت، أرسل حنبعل تحذيرًا إلى الأشخاص الذين كانوا داخل المدينة: "لقد خسرنا أكثر من معركة - لقد خسرنا الحرب. وافق على الشروط المعروضة عليك."

وأثناء انتظاره سمع كيف انتهت المقاومة الأخيرة في أفريقيا. ووصل الفرسان النوميديون، الذين تأخروا بمساعدتهم، من أقصى الغرب بقيادة أبناء صيفاقس. لقد بدوا كثيرين وهائلين، لكن سرعان ما تم هزيمتهم وإعادتهم على يد قدامى المحاربين في الجيش الروماني. ولو أنهم وصلوا في الوقت المناسب إلى حنبعل قبل زاما، لكانت نتيجة المعركة مختلفة. وسدد سكيبيو الضربة بهدوء فور وصول ماسينيسا، قبل وصول الفريق القادم من غرب أفريقيا. ومن خلال تدميره لوادي بغرادا، أجبر حنبعل على التحرك نحوه خلال تلك الفترة الزمنية. والآن تقترب القوافل التي طال انتظارها من إيطاليا بقيادة جحافل جديدة والقناصل.

لكن سلطة سكيبيو لم تكن موضع شك. لقد حقق النصر النهائي كقائد أعلى للقوات المسلحة، وعلقت روما الآمال عليه وحده لإنهاء الحرب. بعد فحص شامل لتحصينات قرطاج من البحر، لم يرغب سكيبيو في محاصرة المدينة. ولم يرغب أبدًا في تدمير قرطاج أيضًا.

يبدو أن حنبعل قد قرأ أفكار سكيبيو. وسيظل من غير الواضح إلى الأبد ما اتفق عليه هذان الشخصان قبل زاما. كل ما نعرفه هو ما قرر سكيبيو نفسه نشره بعد سنوات. وبطبيعة الحال، فهم كلاهما بعضهما البعض بشكل غير عادي.

لأن حنبعل في حضرموت اعتمد على كلمة سكيبيو. على أية حال، فإن ظروف سكيبيو ستنقذ المدينة وتسمح لسكانها ببدء حياة جديدة، بأسلوب حياة جديد، سيبقى قرطاجيًا.

وعلى طول الطريق، شهدت شروط السلام التي طرحها سكيبيو في العام الماضي تغييرات طفيفة. تم إجراء هذه التغييرات بشكل رئيسي من قبل مجلس الشيوخ. وكانت على النحو التالي:

تسليم جميع السفن الحربية، ولم يتبق سوى عشرة، وجميع الأفيال.

لا تقم بأي عمليات عسكرية مستقبلية في أفريقيا دون موافقة الحكومة الرومانية.

ادفع 10000 وزنة من الفضة على مدى خمسين عامًا.

يجب أن تصبح قرطاج صديقًا وحليفًا للجمهورية الرومانية.

لذلك، في النهاية، اضطرت مدينة قرطاج إلى قبول الشروط التي أقسم البارسيديون أنهم لن يقبلوها أبدًا - لتصبح صديقة للرومان.

ومع ذلك، في إصرار سكيبيو، احتفظت هذه المدينة العظيمة باستقلالها. ولم يتعرض القرطاجيون أنفسهم لأي ضرر؛ فقد احتفظوا بحكومتهم وأراضيهم الريفية والمناطق الحضرية التي كانوا يملكونها قبل الحرب. وبالتالي، وفقًا لشروط سكيبيو، لم يكن هناك أي تدخل في حياة السكان المدنيين. لم يكن هناك طلب لتسليم حنبعل.

طالب الرومان بصرامة بالامتثال لمزيد من شروط الاستسلام: كان لا بد من دفع ثمن تلك السفن التي ألقيت على الشاطئ بالقرب من قرطاج ونهبت بالكامل. وكان من المقرر أن يحصل ماسينيسا على السلطة الملكية على جميع الأراضي النوميدية كمكافأة. أما بالنسبة للهاربين، فكما ورد في السجلات، وفقًا للقوانين الرومانية، تم صلب جميع المواطنين الرومان الذين استسلموا على الصلبان، وقتل جميع الإيطاليين.

يقول المؤرخون أنه عندما عاد بوبليوس كورنيليوس سكيبيو منتصرًا إلى روما في العام التالي (201 ق.م.)، ساهم بمبلغ 123.000 رطل من الفضة في الخزانة. استقبلته حشود من الناس من المزارع على طول الطريق. ومع ذلك، يبدو أن انتصاره هذا كان أكثر شعبية من كونه رسميًا. يبدو أن الجماهير في المنتدى شعرت أن قائدهم غريب الأطوار قد فشل في جعل القرطاجيين يركعون حقًا بعد محنة الحرب. كان حزب كلوديان في مجلس الشيوخ يشعر بالغيرة من نجاح سكيبيو غير المسبوق. نجا عدد قليل من أصدقائه. (من بين زعماء الحرب، لم يبق سوى فارو، بطل مدينة كان المنسي). وكان الشعب الجديد غاضبا لأنه غيّر شروط السلام التي اقترحوها بشكل احتيالي. كان الكثيرون يخشون أن تؤدي عبادة الشعب إلى العرش الملكي. في النهاية، اكتفى مجلس الشيوخ بمنحه اللقب الفخري برينسيبس سيناتوس (المواطن الأول) واللقب الأفريقي (الأفريقي).

"هناك شيء واحد مؤكد،" كما أشار ليفي، "أنه أصبح أول قائد يحمل اسم الأمة التي غزاها".

المشاركة في الحروب: الحرب البونيقية الثانية. الحرب السورية.
المشاركة في المعارك: الاستيلاء على قرطاج الجديدة. معركة بيكولا. تحت ايليب. تحت باجراديس. تحت زاما. مع المغنيسيا

(بوبليوس كورنيليوس سكيبيو الأفريقي) جنرال روماني، قاهر حنبعل، قنصل

في البدايه الحرب البونيقية الثانيةشارك سكيبيو في عدة معارك فاشلة للرومان، بما في ذلك معركة كاناي عام 216 قبل الميلاد. ه. بعد الهزيمة الرومانية في كانايشكل سكيبيو فيلقًا من المحاربين الباقين على قيد الحياة.

بعد أربع سنوات من وفاته في إسبانيا بوبليوسو جنايوس سكيبيونيعلى عكس توقعات القناصل والشعب، لم يتقدم أي من المواطنين البارزين بترشيحهم لمنصب حاكم إسبانيا، على الرغم من أن يوم الانتخابات قد تم تحديده بالفعل. وعندما ظهر مواطنو روما في اليوم المحدد في الحرم الجامعي مارتيوس، لم يتطوع أحد ليكون حاكمًا، باستثناء الشباب بوبليوس سكيبيو، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك أربعة وعشرين عامًا.

في نهاية 210 قبل الميلاد. تم إرسال فيلق من كبار الموظفين بقيادة بوبليوس سكيبيو إلى إسبانيا. تم تعيين القاضي مساعدًا لبوبليوس. مارك سيلانوعين سكيبيو المندوب جنايوس ليليوس قائدا للأسطول. في ربيع 209 قبل الميلاد. ه. نتيجة لعملية ناجحة، استولى سكيبيو على قرطاج الجديدة. هنا تم الاستيلاء على 18 سفينة حربية، و63 إمدادات نقل، وخزانة بها 600 موهبة، واحتياطيات الحبوب، و10 آلاف رجل حر ورهائن من حلفاء قرطاج، الأيبيريين.

تم إطلاق سراح مواطني قرطاج الجديدة. سكيبيومنح المدينة الحق في الحفاظ على حكمها الذاتي. تم تجديف الشباب والعبيد الأصحاء على السفن وأحواض بناء السفن في قرطاج الجديدة مع وعد بالحرية بمجرد انتهاء الحرب.

تم إرسال الرهائن من القبائل الإسبانية الذين كانوا في قرطاج الجديدة إلى ديارهم. كل هذه التدابير سمحت لسكيبيو بتحقيق هدفه السياسي - فقد انتقل العديد من الإسبان إلى جانب روما، مما سمح لسكيبيو بتجديد جيشه.

في ربيع 208 قبل الميلاد. ه. انتقل سكيبيو إلى الأندلس حيث هزم صدربعل بركوتحت بيكولا. وخسر البونيقون في المعركة 10 آلاف قتيل و12 ألف أسير. انتقلت فلول جيش صدربعل إلى إيطاليا للانضمام إلى الجيش حنبعل.

في هذا الصدد، كان على سكيبيو تخصيص جزء من قواته لإيطاليا (8 آلاف غالي وإيبيري، و2 ألف مشاة وألف متسابق).

في ربيع 206 قبل الميلاد. ه. شنت قرطاج هجومًا جديدًا على سكيبيو في إسبانيا. ومع ذلك، في معركة بيكول إليل، هُزم الجيش البوني - حوالي 70 ألف شخص - و سكيبيواحتلت آخر مدينة في إسبانيا - جاديس.

هنا التقى القائد بالملك النوميدي ماسينيسا، الذي وعد سكيبيو بدعمه إذا هبطت قواته في أفريقيا. ذهب سكيبيو إلى ليبيا للقاء الملك الليدي سيفاكس وحصل أيضًا على دعمه لفترة الحملة المستقبلية.

بعد ذلك، عاد إلى روما، ولكن بدلاً من الانتصار المتوقع، ظهر أمام مجلس الشيوخ ومعه تقرير عن العمليات العسكرية في إسبانيا. وعلى الرغم من المعارضة، فقد حصل على حقوق القنصل، ولكن الأهم من ذلك أنه تمكن من تحقيق تنفيذ خطته - نقل الحرب إلى أفريقيا. لقد فهم أنه بمجرد هبوط جحافله هناك، سيتم استدعاء حنبعل حتماً من إيطاليا.

ولم يسمح مجلس الشيوخ بذلك سكيبيوجند جيشا في إيطاليا ولم يقدم له مساعدات من المال العام. لم يكن بإمكان سكيبيو سوى تجنيد متطوعين في جيشه والاكتفاء بأمواله الخاصة وقروضه من الأفراد. ومع ذلك، فإن العديد من القبائل التي كانت تدعم حنبعل سابقًا، وخاصة الإتروسكان والسابلز، بدأت الآن في تقديم المساعدة المجانية لسكيبيو.

كانت قاعدة الحملة إلى أفريقيا هي صقلية، حيث بقي هنا فيلقان للهزيمة في كاناي. هنا كان لدى سكيبيو حوالي 300 فارس لم يبدوا رغبتهم في الذهاب إلى أفريقيا. عرض عليهم القائد نوعًا من التبادل - نقل الخيول والأسلحة إلى مفرزة من المتطوعين الذين تدربوا في المعارك السابقة. وهكذا شكل سكيبيو تشكيلًا جاهزًا للقتال إلى حد ما دون أي نفقات خاصة.

بعد ذلك سكيبيوعاد إلى جنوب إيطاليا، حيث استولى على آخر الحدود الإستراتيجية لحنبعل - لوكرامي. وهنا تركوا الحامية، وعاد سكيبيو إلى صقلية، حيث أكمل الاستعدادات النهائية للهبوط في أفريقيا.

في ربيع 204 قبل الميلاد. ه. أبحر سكيبيو بجيش قوامه 30 ألفًا إلى شواطئ إفريقيا. بعد أن هبطت قواته بالقرب من أوتيكا، أقامت معسكرًا وبدأت في محاصرة المدينة. بمساعدة سلاح الفرسان التابع لماسينيسا، دمر سكيبيو الحقول القرطاجية. ومع ذلك، على الرغم من الحصار الذي دام ستة أسابيع، فشل في الاستيلاء على المدينة. ولم يف سيفاكس بكلمته وبقي إلى جانب قرطاجة. وسرعان ما اقترب الجيش من المدينة صدربعل (ابن جيسجون)، متصل بصيفاقس.

كان على سكيبيو أن يرفع الحصار عن أوتيكا ويحصن نفسه في شبه جزيرة صغيرة. في ربيع 205 قبل الميلاد. ه. تمكنت قوات سكيبيو من وضع حد للمعسكرات العسكرية لكل من صدربعل و صيفاقسوبدء حصار جديد لأوتيكا.

مع الأخذ في الاعتبار القدرة الدفاعية لقرطاج، فضلاً عن إمكانية عودة حنبعل من إيطاليا، لم يقتحم سكيبيو قرطاج على الفور، بل قام فقط بتنظيم حصار عليها، مما حرمه من إمكانية الإمدادات والمساعدة من الحلفاء.

بحلول هذا الوقت، تحرك صدربعل وصيفاقس بجيش مجمع قوامه 30 ألف شخص نحو سكيبيو. ترك سكيبيو مفرزة صغيرة في أوتيكا، وخرج للقاء العدو ومعه ماسينيساهزمه على السهول الكبرى.

قرر مجلس الشيوخ القرطاجي استدعاء حنبعل من إيطاليا وعقد السلام مع روما. حتى أنه أرسل ممثليه إلى المعسكر الروماني. و رغم ذلك سكيبيووقال إنه جاء لينتصر، وليس لإبرام اتفاقات، وأبدى استعداده لإبرام اتفاق بشروطه الخاصة. قبل مجلس الشيوخ شروط السلام وأرسل ممثليه إلى روما مع أوامر بتوقيع السلام. ومع ذلك، استمرت المفاوضات في روما، وفي 202 قبل الميلاد. ه. هبط حنبعل في مدينة لبدة.

ترك سكيبيو مفرزة صغيرة لحراسة معسكره، وذهب بعيدًا عن حنبعل عبر وادي نهر باغراد. أدى هذا المسار إلى وصول سكيبيو إلى مركز إمداد قرطاج ومناطقها الداخلية وفي نفس الوقت جعله أقرب إلى التعزيزات النوميدية لماسينيسا.

بعد أن علم أن تصرفات سكيبيو قد عرضت منطقة حيوية للخطر، طالب مجلس الشيوخ القرطاجي حنبعل بخوض المعركة مع الرومان. وبدلًا من التوجه شمالًا إلى قرطاجة، تحرك حنبعل غربًا للقاء سكيبيوالذي اتحد في ذلك الوقت مع ماسينيسا وواصل انسحابه مرة أخرى. تم استدراج الجيش البونيقي إلى منطقة تعاني من نقص حاد في المياه. توقف كلا الجيشين عند قرية ناراجارا، حيث تم لقاء شخصي ومفاوضات بين القائدين. إلا أن الاجتماع لم يسفر عن نتائج.

في اليوم التالي بدأت معركة زاما ناراجارا. رتب سكيبيو الجحافل في ثلاثة صفوف مع ترك مسافة كافية بينها لمرور الأفيال، والتي ستتعرض حتمًا لتبادل إطلاق النار من الرمح. على الأجنحة كان هناك سلاح الفرسان تحت القيادة ليلياو ماسينيسا.

بدأت الأفيال، خائفة من الصراخ والأبواق والسهام، بالركض نحو محاربيها. حاصر سلاح الفرسان قوات حنبعل من الأجنحة وتوجه إلى مؤخرتهم. هرب البونيون بقيادة حنبعل من ساحة المعركة. في معركة زاماخسر البونيون من 10 إلى 20 ألف شخص. وبلغت الخسائر الرومانية 1.5 ألف قتيل وجريح.

أرسل سكيبيو 10 وزنات من الذهب و1500 وزنة من الفضة والعاج وأبرز السجناء إلى روما على متن السفن.

وإدراكًا منه أنه من المستحيل الاستيلاء على قرطاج دون حصار طويل، وافق سكيبيو على صنع السلام. لقد أملى هو نفسه على قرطاج شروطها، والتي بموجبها ظلت قرطاج حرة، لكن ممتلكاتها ظلت في أفريقيا فقط. أعيد ماسينيسا إلى جميع الأراضي والممتلكات التي تم الاستيلاء عليها منه. ونقلت قرطاج قواتها البحرية إلى روما بالإضافة إلى 10 سفن وسفن نقل وجميع أفيال الحرب. كان الشرط الأساسي للسلام هو ألا تقاتل قرطاج دون موافقة روما. كما تلقت روما من قرطاج تعويضًا قدره 10 آلاف وزنة، يُدفع على مدى 50 عامًا.

عند عودته إلى روما سكيبيواحتفل بانتصار رائع وحصل عليه اللقب الفخري الأفريقي.

جلبت انتصارات سكيبيو في الحرب البونيقية الثانية شعبية واسعة النطاق في المجتمع الروماني.

من 199 إلى 184 قبل الميلاد سكيبيو الأفريقيكان في منصب أمير مجلس الشيوخ وكان له تأثير كبير على الحياة السياسية بأكملها في روما. في السياسة الخارجية، دعا سكيبيو وأنصاره إلى إنشاء عدد من الدول التابعة لروما في المناطق المحتلة، مع تركهم بعض الاستقلال. أثبتت معاهدات السلام هذا الخط: مع قرطاج بعد الحرب البونيقية الثانية فيليب المقدونيبعد الحرب المقدونية الثانيةومع ملك سوريا أنطيوخس الثالث. تم إنشاء مستعمرات جديدة في شمال إيطاليا وعلى ساحل البحر الأدرياتيكي.

في السياسة الداخلية، دعت مجموعة سكيبيو إلى تخصيص الأراضي على نطاق واسع للمواطنين ذوي الدخل المنخفض، وخاصة المحاربين القدامى، بالإضافة إلى تسهيل الخدمة العسكرية للجنود الرومان.

عندما اندلعت الحرب بين روما والملك السوري أنطيوخس الثالث، الذي كان حنبعل يقود أحد أسرابه، والذي لجأ إلى سوريا، تقرر وضع الأخ الأصغر لبوبليوس سكيبيو على رأس قوات الحملة. لوسيا. نفسه بوبليوس سكيبيو الأفريقيجعل المندوب تحت أخيه. ومع ذلك، كان القائد الحقيقي بوبليوس نفسه. كان يدير العمليات العسكرية عمليا.

في عام 189 قبل الميلاد. ه. الخامس معركة مغنيسياأخيرًا هُزم أنطيوخس الثالث. وبموجب اتفاق السلام المبرم فقدت سوريا ممتلكاتها في أوروبا وآسيا الصغرى والحق في شن حروب هجومية مع الدول الغربية. تم تكليف أنطيوخس الثالث بمسؤولية تسليم حنبعل.

وبعد سنوات قليلة، مجموعة بقيادة ماركوس بورسيوس كاتواتهم أولئك الذين عادوا إلى روما لوسيوس وبوبليوس سكيبيونيفي عدم موثوقية الدولة، والتي كانت تتمثل في حقيقة أنهم حققوا السلام من أنطيوخس الثالث من خلال الرشوة. طالب مجلس الشيوخ بتقرير عن الشؤون المالية من عائلة سكيبيوس. أثناء المحاكمة، تمكن بوبليوس من الدفاع عن شرف اسم عائلته، لكنه اضطر لمغادرة روما والتقاعد في ممتلكاته في ليثورن، حيث توفي عام 183 قبل الميلاد. ه.

سيرة شخصية

سيرفال زور

إعادة: -235
3 التاريخ: 01/06/2020 / 13:51:22

أتساءل لماذا لا يحاول الناس تخيل ما يكتبون عنه.
عن زاما. كيف تتخيل الأحداث؟
بحلول الوقت الذي عاد فيه حنبعل، كان سكيبيو يمتلك بالفعل وادي نهر باغراد، واقترب من قرطاج وسيطر على "الأراضي الحيوية". ما نوع الغزو الذي نتحدث عنه إذن؟ مسرح العبث، أليس كذلك؟
ورفض حنبعل، بحسب المصادر، رفضًا قاطعًا معارضة سكيبيو، مدركًا أنه لا توجد فرصة. بل إنه أرسل مبعوثين من المجلس القرطاجي الحاكم "عبر الغابة". يقولون أن القائد وحده هو الذي يستطيع أن يقرر متى يخوض المعركة.
أومأ مبعوثو المجلس برؤوسهم، معترفين بأن حنبعل كان على حق، وبعد ذلك توقفوا عن إرسال الأموال إلى المحارب المستقل بشكل مفرط. رداً على ذلك، أجبر حنبعل المجندين الذين تم إرسالهم من قرطاج على حرث الأرض، ملمحًا إلى أنه، إذا لزم الأمر، سيعيش في المراعي (في الوقت نفسه، يوضح مدى تقديره لهؤلاء المجندين أنفسهم).
ومع ذلك، بغض النظر عن مدى تبجح هانيبال، كان من الواضح أنه لا يزال يتعين عليه الأداء. لقد كان ينتظر اللحظة المناسبة فقط.
قرر سكيبيو، الذي كان لديه كل الأوراق الرابحة بين يديه، استفزاز العدو من خلال "فضح نفسه".
قسم سكيبيو جيشه إلى قسمين وأرسله لمسافات طويلة (حتى أنه كان هناك سبب - مطاردة هيرمين ابن سيفاكس، الذي جمع جيشًا كبيرًا).
وبهذه الطريقة، تم منح حنبعل فرصة رائعة في وضع ميؤوس منه - لتحقيق اختراق، والتوحد مع حلفائه، وإذا أمكن، مهاجمة الجيوش الرومانية في أجزاء.
وقد خاطر، كما خاطر طيلة 17 عاماً من الحرب ضد روما.
كانوا فقط ينتظرون رميته.
وفقًا للتعليمات، تخلى ماسينيسا ولايليوس عن الوحدات الأبطأ، ووصلوا مع سلاح الفرسان والمشاة الخفيفة للانضمام إلى سكيبيو عند النقطة X المتفق عليها.
لم تتمكن هيرمين من تحديد اتجاهها بهذه السرعة (ولماذا يجب عليها ذلك؟ لم يكن الأمير يفتقر إلى الخبرة ولا الموهبة)، تاركًا حنبعل وحيدًا مع جيش عدو متفوق من حيث العدد والجودة.
(نعم، قرأت ويكيبيديا وأعرف ما هي الأرقام المكتوبة هناك. ولكني أعلم أيضًا أنها مأخوذة من أبيان، وكان المؤرخ الروماني الوحيد (بالمناسبة، الأحدث والأكثر وطنية) الذي ادعى أن هناك المزيد من الأرقام التورية تحت زاما كانوا عمومًا صامتين بخجل بشأن الأعداد، كما لو أنهم قد تناولوا الماء في أفواههم، أو في أحسن الأحوال خرجوا بملاحظات مثل "قائدان متساويان بجيشين متساويين").
وكان الباقي مسألة تقنية، على الرغم من أن الأمر لم يسير بسلاسة تامة. انطلاقًا من حقيقة أن ماسينيسا "اختفى" في مكان ما خلال معظم فترات المعركة، وأن الرومان واجهوا عمومًا بعض الصعوبات عند محاولتهم تطويقهم من الجناح (ربما من جانب واحد، وليس من اثنين، كما يُعتقد رسميًا). لماذا من واحد؟ لأن محاولة تطويق سلاح الفرسان المقاتل أمر سخيف بشكل واضح، بالنظر إلى التفوق العددي للعدو. لم تكن هناك مشكلة في حساب أن ماسينيسا ولايليوس سيقلبان سلاح الفرسان الذي كان أدنى منهم عدة مرات.
على ما يبدو، كانت هناك معركة على جانب سلاح الفرسان (تشتيت الانتباه)، وكان هناك نفس الهجوم الكاذب من قبل المجندين في المركز (بهدف التقييد والتسلية والتأخير) ومحاولة الالتفاف على الجانب الآخر (على أمل ليس الفوز، ولكن الهروب مع الوحدات الأكثر استعدادًا للقتال من الفخ). كانت الحيلة مع سلاح الفرسان ناجحة، وفشل الهجوم في المركز (اختلط المجندون بسرعة كبيرة تحت هجوم الرومان، مما أدى جزئيًا إلى عرقلة مسار الهجوم الرئيسي بتراجعهم)، واختراق المحاربين القدامى على تم إيقاف الجناح (بما في ذلك من خلال المجندين المنسحبين) بواسطة احتياطي تم إعداده مسبقًا في حالة المفاجأة.
تم لعب كل شيء كالساعة.
يمكن القول أن استنتاجاتي وهمية. لكن على أية حال فهو أكثر منطقية من التفسيرات الأخرى. خلاف ذلك، هناك الكثير من السخافات التي لا يمكن تفسيرها بشكل واضح:
1. لماذا نفذ حنبعل هجوماً شاملاً على النظام الروماني مع أنه لم يفعل ذلك من قبل منذ 17 عاماً بسبب العمل الانتحاري؟
2. لماذا لم ينفذ حنبعل هجمات كاذبة، والتي كان يستخدمها دائمًا في المعارك الناجحة وغير الناجحة؟
3. لماذا، بعد "هجوم الخط الأول" على الجحافل الرومانية، لم يكن هناك مكان يمكنهم التراجع فيه (مشكلة كبيرة جدًا بالنسبة لسيد الهجمات الكاذبة والتراجعات والإغراءات؛ مرة أخرى، كان يخطط لطريق للهروب لمدة 17 عامًا). سنوات، ولكن بعد ذلك فجأة لم يتوقع ما هو واضح).
4. ومن أين حصل حنبعل بحق الله على عشرات الأفيال؟ لا أحد يستطيع أن يعطي إجابة واضحة. يجب أن يكون قد سقط من السماء. لكن ليس لديهم حقًا مكان يأتون منه. في حملته إلى إيطاليا (التي كان حنبعل يستعد لها منذ فترة طويلة)، جمع 37 فيلًا، ثم فجأة تم أخذ خمسة عشر فيلًا، على الرغم من حقيقة أن جميع "الاحتياطيات الأفريقية" من هذه الحيوانات قد تم إهدارها بالفعل في جزأين. المعارك السابقة في السهول الكبرى. إذا تجاهلنا النسخة التي تفيد بأن سكيبيو، الذي يسيطر على المناطق الوسطى من الدولة القرطاجية، كان متورطًا شخصيًا في عملية الاستيلاء، فسيظل خيار الشراء قائمًا. ولكن من من؟ كان البطالمة حلفاء لروما، ومن المؤكد أنهم لم يوافقوا على مثل هذا الترتيب (لأنفسهم قبل كل شيء). كان بإمكان السلوقيين البيع، لكنهم لم يفعلوا ذلك. خلاف ذلك، من المؤكد أنهم سيكتشفون ذلك، كلما زاد احتمال وجود العدو ومن ثم كان هناك مثل هذا السبب للاتهامات. لكن لم تكن هناك اتهامات. وهذا أيضًا ناقص.
ربما لم تكن هناك أفيال، على الأقل ليس بالكميات المشار إليها.



في ربيع 204 قبل الميلاد. ه. هبط بوبليوس كورنيليوس سكيبيو مع قواته في أفريقيا، وضرب قلب قرطاج. على الرغم من صلاحياته القنصلية، فقد قاد جيشًا صغيرًا - ولم يكن لديه سوى فيلقين و7000 متطوع تم تجنيدهم في إيطاليا. لمدة عامين قام بتوسيع رأس الجسر لمزيد من الهجوم. تمكن من الحصول على موطئ قدم في أفريقيا وكسب النوميديين، الفرسان والرماة الممتازين، إلى جانبه. باستخدام التكتيكات المعتمدة من حنبعل، هزم سكيبيو القائد القرطاجي جيسجون واستولى على زمام المبادرة. بعد ذلك، احتل سكيبيو تونس وسيطر على طرق الإمدادات الغذائية إليها. أصبح موقف القرطاجيين أكثر صعوبة.

خريطة حملة سكيبيو الأفريقية 204−202. (بينتريست.كوم)

عودة بركاء

تطلب نجاح الرومان في أفريقيا اتخاذ إجراءات جذرية - تم استدعاء حنبعل برشلونة من إيطاليا لحماية العاصمة. بحلول هذا الوقت كان قائدًا عسكريًا ذا خبرة، وكانت مهارته كقائد أسطورية. كان عمره 45 عامًا، وكان يعرف كيف يقنع الناس ويقود الجنود. وفي لحظة حرجة بالنسبة للدولة، عاد إلى أفريقيا لتدمير الجيش الروماني ومعاقبة النوميديين الخائن. جنبا إلى جنب مع حنبعل، وصل قدامى المحاربين الذين قاتلوا معه في إيطاليا لمدة 15 عاما إلى أفريقيا. كان هؤلاء محاربين ذوي خبرة ومخلصين شخصيًا لحنبعل.

هانيبال برشا. (بينتريست.كوم)

هبط حنبعل جنوب قرطاج وبدأ على الفور عملياته النشطة. كان عليه تجديد الجيش (كان القائد يعتمد بشكل خاص على المرتزقة النوميديين)، وتحرير قرطاج من الحصار الغذائي وإلقاء الرومان في البحر. وسرعان ما وصلت إليه قوات من إيطاليا تتألف من الكلت والإيبيريين والمور. وازداد تعداد القوات القرطاجية إلى 35 ألف فرد، وبالإضافة إلى المشاة وسلاح الفرسان ضم الجيش أفيال الحرب. ومن مدينة حضرموت الكبيرة، تحرك حنبعل نحو الشمال الشرقي وعسكر بالقرب من مدينة زامة، على بعد 150 كم غرب قرطاج.

عشية المعركة

وسرعان ما اقترب الرومان من زاما، الذي تم تعزيز جيشه أيضًا بالنوميديين. وفقا للمؤلفين القدماء، قبل المعركة كان هناك لقاء بين حنبعل وسكيبيو. حاول البونيقيون التصالح مع بوبليوس، مذكرين إياه بمدى تغير المصير (بعد كل شيء، وقف الجيش القرطاجي مؤخرًا تحت أسوار روما)، وعرض السلام. لكن سكيبيو، الغاضب من الانتهاك الغادر للسلام من قبل مجلس الشيوخ القرطاجي، لم يقبل شروط حنبعل. هكذا اختتم خطابه: "يمكنك إما تسليم نفسك ووطنك لتقديرنا، أو هزيمتنا في ساحة المعركة". لم يكن أمام حنبعل أي خيار.

المصدر: موقع pinterest.com

كان من المفترض أن تقرر المعركة ليس فقط نتيجة الحرب، ولكن أيضًا من سيحصل على دور الهيمنة في العالم. دافعت قرطاج عن استقلالها، وحارب الرومان من أجل السلام. إليكم ما كتبه المؤرخ اليوناني بوليبيوس عن المعركة القادمة: "لم يسبق أن كانت هناك قوات تم اختبارها في المعركة بهذه الدرجة، سعيدة للغاية ومهارة في الشؤون العسكرية؛ لم يسبق أن وعد القدر المقاتلين بمثل هذه المكافآت القيمة. وكان الفائز هو الحصول على السلطة ليس فقط على ليبيا وأوروبا، ولكن أيضًا على جميع دول العالم الأخرى المعروفة لنا حتى الآن.

توازن القوى

بنى سكيبيو قواته على النحو التالي: في الوسط في سطرين قام ببناء المشاة (في السطر الأول كان هناك hastati - جنود شباب، في الثاني - مبادئ وtriarii - قدامى المحاربين)، وكان سلاح الفرسان موجودًا على الأجنحة. في عهد زاما، استخدم الرومان تشكيلًا قتاليًا مجزأً، مما سمح لهم بالجمع بين الرماة والمشاة الثقيلة في التشكيل وإجراء تغييرات سريعة في التشكيل.

الجنود الرومان خلال الحرب البونيقية الثانية. (بينتريست.كوم)

كان لدى حنبعل 80 فيلًا تحت قيادة زاما - أكثر من أي وقت مضى (ومع ذلك، كانت الأفيال سيئة التدريب). قرر بناء أفيال أمام جبهته لإخافة الرومان وشق طريقه عبر تشكيلتهم مثل الكبش. اصطف المشاة في ثلاثة صفوف: في الأول الكلت والأيبريون الذين وصلوا إليه في الوقت المناسب من إيطاليا. في السطر الثاني يوجد المرتزقة القرطاجيون الذين تم تجنيدهم في إفريقيا ومفرزة من المقدونيين. اصطف قدامى محاربي حنبعل في الخط الثالث (الاحتياط). تمركز سلاح الفرسان النوميدي والقرطاجي على الأجنحة.

المصدر: موقع pinterest.com

ولا تزال نسبة وحجم الجيوش التي قاتلت في زاما موضع نقاش، لكن من المرجح أن قوات الطرفين كانت متساوية تقريبًا (حوالي 35 ألف شخص في كل جانب)، لكن الرومان كان لهم تفوق في سلاح الفرسان، و البونيون، على التوالي، في المشاة.

هجوم الفيل

بدأت المعركة بهجوم على الجبهة الرومانية. تحركت عشرات الأفيال نحو جيش سكيبيو، لكنه تمكن من الاستعداد مسبقًا. وسمع هدير الأبواق، وأمطر الرماة الأفيال بالسهام والسهام، مما أدى إلى إصابة الحيوانات بالذعر. عادت الحيوانات إلى الوراء وبدأت في دهس قواتها - وخاصة سلاح الفرسان التابع لحنبعل. مرت تلك الأفيال التي تقدمت للأمام عبر المناورات الرومانية التي تشكلت على فترات على طول الجبهة دون الإضرار بها.

مباشرة بعد هروب الأفيال، هاجم سكيبيو فرسان حنبعل بسلاح الفرسان وهزمهم. اندفع سلاح الفرسان الروماني لملاحقة الفارين وانسحبوا من المعركة، لكن أجنحة القرطاجيين انكشفت.

معركة زاما، هجوم الفيل. (بينتريست.كوم)

قتال المشاة

تحرك المشاة (باستثناء قدامى المحاربين في حنبعل) تجاه بعضهم البعض. تقدم البونيون في مستويين، والرومان في تشكيل واحد. على الرغم من سرعة هجوم السلتيين والليغوريين في الخط الأول لحنبعل، لم يتم اختراق الجبهة الرومانية، وسرعان ما دفع الفيلق أنفسهم الغال إلى الخلف، وتقدموا في تشكيل عميق. ولم يشارك الخط الثاني من جيش حنبعل في هذا الهجوم. كانت مفارز القرطاجيين الإيطالية متناثرة ، لكن محاولة مهاجمة الخط الثاني من البونيقيين انتهت بالفشل - اختنقت مناورات هاستاتي بالدم. جاءت مبادئ الخط الثاني لمساعدة رفاقهم وقادت الهجوم التالي. وعلى حسابهم، قام سكيبيو بتوسيع الجبهة وتطويق العدو من الأجنحة. على الرغم من المقاومة الشرسة، تم قطع الكتائب القرطاجية، والآن لم يعد الخط الثاني موجودا. علاوة على ذلك، وقفت قوات جديدة على طريق الرومان لم تشارك في المعركة وكانت تتألف من قدامى المحاربين في حنبعل.

بدلاً من الاندفاع فورًا لمهاجمة الخط الثالث البونيقي، أظهر سكيبيو رباطة جأشه وأعاد تنظيم قواته. قام بجمع كل المشاة في سطر واحد، وترك hastati في الوسط وقام ببناء triarii على الأجنحة لهجوم متزامن بكل القوات. يعكس هذا تشكيل حنبعل في كاناي. أظهرت القوات الرومانية الانضباط الحديدي. لكن رغم كل الاستعدادات، لم يتمكن الرومان من اختراق الخط القرطاجي. ولا يمكن لأي من الطرفين أن ينتصر.

تم تحديد نتيجة المعركة من قبل سلاح الفرسان الروماني، الذي عاد إلى ساحة المعركة وضرب حنبعل في المؤخرة. وبعد معركة عنيدة، تعثر القرطاجيون. بدأت المذبحة، ولم يعد جيش حنبعل موجودا، وهو نفسه بالكاد نجا. ربما فقد الرومان حوالي 5 آلاف شخص.

جنود من جيش حنبعل. (بينتريست.كوم)

نتائج المعركة

هكذا يصف بوليبيوس ساحة المعركة: "كان كل شيء غارقًا في الدماء، ومليئًا بالجرحى والقتلى،... أكوام من الجثث التي تنزف ومكدسة فوق بعضها البعض، وكذلك الأسلحة المتناثرة في كل مكان في حالة من الفوضى مع الناس." لقد انتهى كل شيء بالنسبة لقرطاج. قُتل أعظم قائد في العالم الهلنستي لاحقًا على يد القنصل الروماني. "لقد التقى المستحق بالمستحق" كما يقول المثل. كان هذا بمثابة بداية حقبة جديدة - حيث انتقلت السلطة على البحر الأبيض المتوسط ​​إلى روما.

معركة زاما هي مثال نادر على الصدام بين اثنين من عباقرة الحرب الحقيقيين. إن فهم سكيبيو الدقيق للتكتيكات والاستراتيجية والمعرفة الممتازة بالعدو ساعد روما ليس على البقاء فحسب، بل ساعد أيضًا على هزيمة قرطاج الهائلة. ومن المثير للسخرية أن نفس الفيلقين اللذين فرا ذات مرة من ساحة المعركة في كاناي كانا أساس جيش سكيبيو في زاما. وسرعان ما تم التوصل إلى السلام. انتهت الحرب البونيقية الثانية بانتصار روما، وبعد 55 عامًا فقط تم تدمير قرطاج بالكامل على يد الرومان. بالنسبة لسكيبيو، أصبحت معركة زاما ذروة حياته المهنية. ومن المثير للاهتمام أن كلا القائدين العظيمين أنهيا حياتهما في المنفى والغموض، وبالتالي كان مصيرهما مرتبطًا حتى النهاية.